وقد بينا أن كل واحد من أجزاء المعلول معتبر في تحقق علته التامة، فيلزم أن يكون تلك العامة التامة معتبرة في تحقق نفسها لكونها جزءا من معلولها، فيكون إما جزءا لنفسها وأنه محال.
واعترض الإمام نجم الدين القزويني أدام الله سعادته على هذا البرهان، فقال:
أما من طريق الجدل فنقول: لو صح ما ذكرتم لزم أن يكون الواجب لذاته موجودا، وإلا لكان المجموع الحاصل منه ومن جميع الممكنات ممكنا لافتقاره إلى أجزائه، فله علة تامة موجودة مركبة إلى آخر ما ذكرتم.
وأما من طريق الحل فنقول: لا نسلم أن كل جزء من أجزاء المعلول جزء من علته التامة، وإنما يلزم ذلك أن لو لم يكن ذلك الجزء هو الجزء الذي إنما صارت العلة علة تامة للمعلول لكونها علة لذلك فقط، وأما إذا كان ذلك الجزء الذي شأنه ذلك فلا، وإذا جاز ذلك فيجوز أن تكون العلة التامة لمجموع الممكنات علة للهيئة الاجتماعية فقط التي هي الجزء الصوري. فتلك الهيئة تكون متأخرة عن تحقق العلة التامة للمجموع تأخر المعلول عن علته التامة، واستحال أن تكون جزءا منها وإلا لتقدمت علتها وتأخرت عنها معا، وأنه محال بالضرورة.
أجاب ملخص البرهان عن المعارضة: بأنا لا نسلم الملازمة، فإن حاصل ما ذكرتموه من المتصلة أنه لو كان واجب الوجود موجودا لكان المجموع الحاصل منه ومن غيره ممكنا. ومعلوم أنه ليس ذلك الإمكان ولا المجموع الملزوم له بلازم لوجود واجب الوجود، والا لزم من وجود الجزء وجود الكل، أو كون واجب الوجود ممكنا، وكلاهما محال، وذلك بخلاف ما ذكرناه من