لنا وجوه:
(الأول) إنه لو كان في مكان لم يخل عن الأكوان الحادثة، واللازم باطل فالملزوم كذلك.
أما الملازمة: فلأن كونه في المكان إن كان أول كون له فهو كون الحدوث أو كونا ثانيا إما في ذلك المكان وهو السكون أو في غيره وهو الحركة. وعلى التقديرات فهي حادثة ولا خلو للكائن عنها لما مر.
وأما بطلان اللازم، فلأنه لو لم يخل عن الأكوان الحادثة لكان حادثا على ما مر أيضا، وكل حادث ممكن فالواجب ممكن. هذا خلف.
(الثاني) لو كان في مكان أو جهة أو حيز لاستحال قيامه في الوجود بدونه، واللازم باطل فالملزوم كذلك.
بيان الملازمة: إن كل ما كان في الحيز أو المكان فإنه لا ينفك عن مقدار وشكل، وكل ما كان كذلك استحال استغناؤه في الوجود عن الحيز والمكان، والمقدمتان جليتان.
بيان بطلان اللازم: أنه لو كان كذلك لكان قيامه في الوجود موقوفا على وجود الغير وكان مفتقرا في وجوده إلى الغير. هذا خلف.
(الثالث) أنه ثبت في علم الهيئة والمجسطى أن السماوات والأرض كرية، وإذا كانت كذلك كانت الجهة التي فوق رأس من كان ببلاد المشرق بعينها أسفل لمن كان ببلاد المغرب وبالعكس، فلو كان سبحانه في جهة فوق لكان كونه فوقا لقوم مستلزما لكونه أسفل لقوم آخرين، وذلك مما يأباه الخصم وينكره.
احتج الخصم بالمعقول والمنقول:
أما المعقول فهو أنه تعالى لا بد وأن يكون في حيز وجهة، وكل حيز وجهة