إنه تواتر إجماع المسلمين في الصدر * الأول بعد
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على امتناع خلو الوقت عن) خليفة و (إمام حتى قال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته) المشهورة حين وفاته عليه السلام (ألا إن محمدا قد
مات ولا بد لهذا الدين ممن يقوم به فبادر الكل إلى قبوله) ولم يقل أحد لا حاجة إلى ذلك بل اتفقوا عليه وقالوا ننظر في هذا الأمر وبكروا إلى
سقيفة بني ساعدة (وتركوا له أهم الأشياء وهو
دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم) واختلافهم في التعيين لا يقدح في ذلك الاتفاق (ولم يزل الناس) بعدهم (على ذلك في كل عصر إلى زماننا هذا من نصب إمام) بيان لذلك أي لم يزل الناس على نصب إمام (متبع في كل عصر فإن قيل لا بد للإجماع) المذكور (من مستند) كما علم في موضعه (ولو كان لنقل) ذلك المستند نقلا متواترا (لتوفر الدواعي) إليه (قلنا استغني عن نقله بالإجماع (فلا توفر للدواعي (أو) نقول (كان) مستنده (من قبيل ما لا يمكن نقله من قرائن الأحوال التي لا يمكن معرفتها إلا بالمشاهدة والعيان لمن كان في زمن النبي عليه السلام * الثاني) من الوجهين (إن فيه) أي في نصب الإمام (دفع
ضرر مظنون وإنه) أي دفع الضر المظنون (واجب) على العباد إذ قدروا عليه (إجماعا * بيانه) أي بيان أن في نصب الإمام دفع ذلك
الضرر (إنا نعلم علما يقارب الضرورة أن مقصود الشارع فيما شرع من المعاملات والمناكحات والجهاد والحدود والمقاصات وإظهار شعار الشرع في الأعياد والجمعات إنما هو مصالح عائدة إلى الخلق معاشا ومعادا وذلك) المقصود (لا يتم إلا بإمام يكون من قبل الشارع يرجعون إليه فيما يعن لهم فإنهم مع اختلاف الأهواء وتشتت الآراء وما بينهم من الشحناء قلما ينقاد بعضهم لبعض فيفضي ذلك إلى التنازع والتواثب وربما أدى إلى هلاكهم جميعا ويشهد له التجربة والفتن القائمة عند موت الولاة إلى نصب آخر بحيث لو تمادى لعطلت المعايش وصار كل أحد مشغولا بحفظ ماله ونفسه تحت قائم سيفه وذلك يؤدي إلى رفع الدين وهلاك جميع المسلمين ففي نصب الإمام دفع مضرة لا يتصور أعظم منها بل نقول نصب الإمام من أتم مصالح المسلمين وأعظم
____________________
عجز كل واحد لا ينافي في قدرة الكل ولو أريد بالعجز عدم من يتصف بشرائط الإمامة فهو ممنوع وفيه سوء ظن بالأمة (قوله وبكروا إلى سقيفة بني ساعدة) بكرت بكورا وبكرت تبكيرا وبكرت وابتكرت وباكرت كله بمعنى وهو المسير في الصباح والسقيفة الصفة (قوله وهو دفن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) موت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ودفنه صلى الله تعالى عليه وسلم ليلة الثلاثاء على قول والأصح إنه ليلة