مقاصد الدين فحكمه الايجاب السمعي (فإن قيل) على سبيل المعارضة في المقدمة (وفيه إضرار) أيضا (وإنه منفي بقوله عليه السلام لا
ضرر ولا ضرار في الإسلام وبيانه) أي بيان أن فيه إضرارا (من ثلاثة أوجه * الأول تولية الإنسان علي من هو مثله ليحكم عليه فيما يهتدي إليه وفيما لا يهتدي إضرار به لا محالة * الثاني) إنه (قد يستنكف عنه بعضهم كما جرت به العادة) وفيما سلف من الأعصار (فيفضي إلى) اختلاف و (الفتنة) وهو إضرار بالناس * (الثالث إنه لا يجب عصمته كما سيأتي) تقريره (فيتصور) حينئذ (منه الكفر والفسوق فإن لم يعزل أضر بالأمة بكفره وفسقه وإن عزل أدى إلى الفتنة) إذ يحتاج في عزله إلى محاربته (قلنا الإضرار اللازم من تركه) أي ترك نصبه (أكثر بكثير) من الإضرار اللازم من نصبه (ودفع الضرر الأعظم عند التعارض واجب * احتج المانع) من
وجوب نصبه (بوجوه) عارض بها دليلنا على وجوه علينا (الأول توفر الناس على مصالحهم) الدنيوية وتعاونهم على أشغالهم الدينية (مما يحث عليه طباعهم وأديانهم فلا حاجة) بهم (إلى نصب من يحكم عليهم فيما يستقلون به ويدل عليه) أي على ما ذكرناه من عدم
الحاجة إليه (انتظام أحوال العربان والبوادي الخارجين عن حكم السلطان * الثاني الانتفاع بالإمام إنما يكون بالوصول إليه لا يخفى تعذر وصول آحاد الرعية إليه في كل ما يعن لهم من الأمور الدنيوية عادة) فلا فائدة في نصبه للعامة فلا يكون واجبا بل جائزا (الثالث للإمامة شروط قلما توجد في كل عصر) وعند ذلك (فإن أقاموا) أي الناس (فاقدها لم يأتوا بالواجب) عليهم بل بغيره (وإن لم يقيموه) أي وإن لم يقيموا الفاقد (فقد تركوا الواجب) فوجوب نصب الإمام يستلزم أحد الأمرين الممتنعين فيكون ممتنعا (والجواب عن الأول إنه وإن كان ممكنا عقلا فممتنع عادة لما يري من ثوران الفتن والاختلافات عند موت الولاة ولذلك صادفنا العربان والبوادي كالذئاب الشاردة والأسود الضارية لا يبقى بعضهم على بعض ولا يحافظ في الغالب على سنة ولا فرض) فقد اختل أمرهم في دنياهم (وليس تشوفهم) أي تطلعهم (إلى العمل بموجب دينهم غالبا) فيهم بحيث يغنيهم عن رياسة السلطان عليهم
____________________
الأربعاء (قوله توفر الناس على مصالحهم) من قولهم توفر عليه أي رعى حرماته (قوله العربان والبوادي) العربان جمع عرب والبوادي جمع بادية بمعنى طائفة نازلة بالبادية وفي الحديث من بدا جفا أي من نزل بالبادية صار جافيا (قوله لا يبقى بعضهم على بعض) من قوله أبقيت على فلان رأى رحمته والاسم منه البقيا بضم الباء قال الشاعر فما بقيا علي تركتماني * ولكن خفتما صرد النبال