وإذا عرف هذه الأصول أمكن العلم بصدق الرسول فثبت أن أصول الإسلام جلية وأن أدلتها مجملة واضحة فلذلك لم يبحث عنها بخلاف المسائل التي اختلف فيها فإنها في الظهور والجلاء ليست مثل تلك الأصول بل أكثرها مما ورد في الكتاب والسنة ما يتخيله
المبطل معارضا لما يحتج به المحق فيها وكل واحد منهما يدعي إن التأويل المطابق لمذهبه أولى فلا يمكن جعلها مما
يتوقف عليه صحة الإسلام فلا
يجوز الإقدام على التكفير إذ فيه خطر عظيم * (ولنذكر الآن ما كفر به بعض أهل القبلة ونفصل عنها) * على سبيل التفصيل (وفيه أبحاث * الأول كفرت
المعتزلة في أمور * الأول نفي الصفات لأن حقيقة الله ذات موصوفة) دائما (بهذه الصفات) الكمالية التي هي العلم والقدرة والحياة ونظائرها (فمنكره) أي منكر اتصافه بها (
جاهل بالله
والجاهل بالله كافر قلنا
الجهل بالله) من جميع الوجوه كفر لكن أوليس أحد من أهل القبلة
يجهل كذلك فإنهم على اختلاف مذهبهم اعترفوا بأنه قديم أزلي عالم قادر خالق للسماوات والأرض
والجهل به (من بعض الوجوه لا يضر والإلزام تكفير
المعتزلة والأشاعرة بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه) أي لو كان
الجهل بتفاصيل الصفات قادحا في الإيمان لكفر بعض
الأشاعرة بعضهم فيما اختلفوا فيه من تفاصيلها وكذا الحال في
معتزلة البصرة وبغداد فإنهم اختلفوا أيضا فيها (الثاني) من تلك الأمور (إنكارهم إيجاد الله لفعل العبد وإنه كفر أما أولا فلأنهم جعلوه غير قادر على فعل العبد) أما على عينه كالجبائية وأما على مثله كالبلخي وأتباعه وأما على القبيح مطلقا كالنظام ومتابعيه (وجعلوا العبد غير قادر على فعله تعالى فهو إثبات للشريك كما هو مذهب المجوس) حيث أثبتوا له شريكا لا يقدر أحدهما على مقدور الآخر (وأما ثانيا فللإجماع) المنعقد من الأمة (على التضرع) والابتهال (إلى الله في أن يرزقهم الإيمان) ويجنبهم عن الكفر (وهم ينكرونه لأنهم يقولون قد فعل الله من اللطف ما أمكن لوجوبه عليه) وأما نفس الإيمان فليس من فعله تعالى بل من فعل العباد كالكفر فلا فائدة في ذلك الابتهال المجمع عليه (قلنا المجوس لم يكفروا بقولهم إن الله لا يقدر على فعل الشيطان بل (كفروا بغيره) وهو قولهم بتناهي مقدورات الله تعالى وعجزه عن دفع الشيطان واحتياجه في دفعه إلى الاستعانة بالملائكة (و) أيضا (خرق الاجماع) مطلقا (أوليس بكفر) بل خرق
____________________
أي أرباب الاجمال فإنهم لا يقدرون على تنقيح الدليل (قوله وهو قولهم بتناهي مقدورات الله تعالى) وأيضا