رابعة (ويلزم التسلسل قلنا لا نسلم ذلك) أي تساوي نسبة الإرادة إلى الضدين والأوقات حتى يلزم التسلسل (بل) هي صفة (تعلقها بأحدهما) ووقوعه في وقت معين (لذاتها) المخصوصة فلا حاجة إلى صفة أخري (فإن قيل) إذا تعلقت الإرادة لذاتها بأحد جانبي الفعل في وقت معين وعلى وجه مخصوص (فيجب ذلك الجانب) في ذلك الوقت على ذلك الوجه (ويمتنع) الجانب (الآخر) وحينئذ (فيلزم) الايجاب و (سلب الاختيار قلنا) أي لأنا نقول وقد مر مثله (
وجوب الشئ بالاختيار لا ينافي الاختيار) بل يحققه لأنه فرعه وههنا بحث وهو أن إرادة أحد الضدين إن كانت مغايرة لإرادة الآخر وكانت كل واحدة منهما لذاتها متعلقة بأحدهما على التعيين اتجه إنما يقال إذا لزم أحد الإرادتين ذات المريد لم يمكن له الإرادة المتعلقة بالجانب الآخر بدلا عن الإرادة الأولى فلا قدرة بمعنى صحة الفعل والترك وإذا لم يلزم جاز تجدد الإرادة وحدوثها وإن لم تكن مغايرة لها بل تتعلق إرادة واحدة تارة بهذا وتارة بذاك فإذا كان تعلقها بأحدهما لذاتها لم يتصور تعلقها بالآخر ويلزم الايجاب وما ذكره من أن الوجوب المترتب الاختيار لا ينافيه إنما يصحح في القدرة بمعنى إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل كما سبق تصويره فتذكر (وربما قال الحكماء لا نسلم أن كل علم فهو تبع للوقوع وإنما ذلك في العلم الانفعالي) التابع لوجود المعلوم وأما العلم الفعلي الذي كلامنا فيه فإنه متبوع وسبب لوقوع المعلوم فيصلح أن يكون مخصصا كما اخترناه في الباري سبحانه وتعالى (والأصحاب) في جواب الحكماء (يدعون الضرورة في استواء نسبة العلم والقدرة
____________________
والقدرة والإرادة هو الإرادة المفروضة أولا (قوله فإذا كان تعلقها بأحدهما لذاتها الخ) وإن لم يكن لذاتها يلزم التسلسل فإن قلت وجوب أحد الطرفين وجوب بشرط تعلق الإرادة وأما بالنظر إلى ذاته تعالى مع قطع النظر عن تعلق الإرادة فيستوي الفعل والترك فلا يلزم الايجاب على الشق الأول قلت إذا كان التعلق لازما للإرادة والإرادة لازمة للذات لم يتحقق صحة الفعل والترك في الواقع لأن اللازم بوسائط كاللازم بلا واسطة في امتناع الانفكاك وهو عين الايجاب وقد يجاب بأن معنى تعلق الإرادة لذاتها أنها لا تحتاج في ذلك إلى مرجح غير ذاتها لأن ذاتها تقتضي التعلق البتة حتى يلزم الايجاب ثم هذا خاصية الإرادة فلا يجوز مثله في القدرة وأنت خبير بأن الكلام حينئذ في اتصاف الإرادة بأحد التعلقين مع تحقق ذاتها في الحالتين كما مر فالحق في الجواب هو التزام التسلسل في التعلقات كما ذكرناه في الموقف الثاني (قوله يدعون الضرورة في استواء الخ) قيل الضروري استواء نسبة العلم إلى معلومه وأما العلم بالمصالح فاستواء نسبته إلى ما تترتب هي عليه وغيره ممنوع والحق أنه لا موجود إلا ويمكن تصوره على وجه أحسن منه فوقوعه على ما هو عليه إذا لم يكن بالإرادة تخصيص حينئذ بلا مخصص وبالجملة قد ثبت بالدليل أنه تعالى قادر بمعنى أنه يصح منه الفعل والترك وبعد ثبوت هذا لا شك في أن