شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٥١
من فاعل موجب فإن وجود ذلك الحادث منه في وقته أوليس أولى من وجوده فيما قبله قيل هذا الدليل برهان بديع لا يحتاج إلى إثبات حدوث العالم وقد تفرد به المصنف رحمه الله تعالى (وإن شئت قلت) في إثبات كونه قادرا (لو كان الباري تعالى موجبا بالذات لزم قدم الحادث والتالي باطل) بطلانا ظاهرا (و) أما (بيان الملازمة) فهو إن أثر الموجب القديم يجب أن يكون قديما إذ (لو حدث لتوقف على شرط حادث) كيلا يلزم التخلف عن الموجب التام وذلك الشرط الحادث يتوقف أيضا على شرط آخر حادث (و) حينئذ (تسلسل) أي لزم التسلسل في الشروط الحادثة متعاقبة أو مجتمعة وكلاهما محال (واعلم أن هذا الاستدلال) الذي أشار إليه بقوله وإن شئت قلت (إنما يتم بأحد طريقين الأول أن يبين حدوث ما سوى) ذات (الله تعالى) وصفاته إذ لولا ذلك لجاز أن يصدر عن البارئ على تقدير كونه موجبا قديما مختار أوليس بجسم ولا جسماني يصدر عنه الحوادث بحسب إرادته المختلفة فلا يلزم من إيجاب الباري قدم الحادث (و) أن نبين مع ذلك أيضا (أنه لا يجوز قيام حوادث متعاقبة لا نهاية لها بذاته) إذ لو جاز ذلك لأمكن أن يصدر عنه مع كونه موجبا حادث مشروط بصفة حادثة قائمة بذاته مشروطة بصفة أخرى وهكذا إلى غير النهاية وإذا ثبت حدوث ما سوى ذاته وصفاته وثبت أيضا استحالة قيام الصفات المتعاقبة إلى ما لا نهاية له بذاته تم الاستدلال المذكور بهذا الطريق لأن أثر الموجب القديم لا يكون حادثا بلا تسلسل
____________________
الاستدلال الخ (قوله واعلم أن هذا الاستدلال الذي أشار إليه بقوله وإن شئت قلت) جعل الشارح لفظ هذا إشارة إلى الاستدلال الأخير ولم يلتفت إلى ما ذكره شارح المقاصد من أنه إشارة إلى الاستدلال السابق على التقريرين معا مع أنه لا يرد حينئذ اعتراضه الذي سيذكره بقوله ولقائل أن يقول الخ اتباعا للشارح الأبهري فإنه تلميذ المصنف فالظاهر أن ما ذكره سماع منه ولأنه حمل الكلام على استدلالين كما يدل عليه حديث التفرد الذي نقله من الأبهري في الأول ومن البين أن لفظ هذا لا يكون إشارة إليهما معا إلا بالتأويل فجعله إشارة إلى القريب على ما هو مقتضى القاعدة من أن هذا يشار به إلى القريب (قوله وإن بين مع ذلك أيضا الخ) فإن قلت لم خصص في هذا لطريق الأول الحوادث المتعاقبة لا إلى نهاية بصفاته تعالى مع أنه إذا كان حوادث متعاقبة لا إلى نهاية غير قائمة بذاته تعالى شرطا في صدور الحوادث عن الموجب لم يلزم أيضا تخلف محال قلت لعل السر في ذلك أن عدم جوازها متبين من بيان حدوث ما سوى ذاته تعالى وصفاته فلا حاجة إلى إفراده بالبيان وذلك لأن تحقق تلك الحوادث المتعاقبة لا إلى نهاية تستلزم القول بالمادة القديمة كما علم من قواعد الفلاسفة وسيشير إليه في الطريق الثاني وأما ما قيل في بيان تبين عدم جوازها بما ذكر من أن تحقق تلك الحوادث يستلزم قدم مطلقها كما هو المشهور وذلك المطلق مندرج حينئذ فيما سوى ذاته تعالى وصفاته مع أنه غير حادث على الفرض ولا يمكن حوادث متعاقبة إلى غير
(٥١)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344