ألا تحكما بحتا) وكذا الحال في جعل بعض البروج بيتا لكواكب وبعضها بيتا لكواكب آخر وفي جعل بعض الدرج شرفا وبعضها وبالا إلى غير ذلك من الأمور التي تدعونها فإنها كلها على تقدير البساطة تحكمات محضة (ثم نردد ونقول إن الفلك) إن كان بسيطا فقد
بطلت الأحكام التي تزعمونها لما ذكرناه وإلا
بطل علم الهيئة إذ مبناه أن الفلك (بسيط فحركاته بسيطة) متشابهة في أنفسها (فالحركات المختلفة) والمشاهدة والمرصودة منها (تقتضي محركات مختلفة) على أوضاع متفاوتة تكون حركة كل منها وحدها متشابهة غير مختلفة ويلزم منها حركات متخالفة (كما
عرفت وإذا
بطلت) الهيئة
بطلت (الأحكام) النجومية (لأنها مبنية عليها على الهيئات المنخيلة لهم وإلا فلا أوج ولا حضيض ولا وقوف ولا رجوع فكيف يثبت لها أحكام) مترتبة عليها (لا يقال الأفلاك وإن كانت بسيطة) متساوية الأجزاء في الماهية (فالبروج مكوكبة) بالثوابت المتخالفة في الطائع (والعبرة) في تلك الأحكام ليست بنفس البروج المتوافقة الطبيعة بل (بقرب كواكبها الثابتة) من السيارات (وبعدها) عنها (ومسامتتها وعدمها) فمدار الأحكام المختلفة على اختلاف أوضاع الكواكب السيارة بحركاتها من الثوابت المركوزة في البروج (لأنا نقول البروج كما علمت تعتبره من الفلك الأطلس الذي لا كوكب فيه على رأيهم) وإن أمكن أن يقال فيه كواكب صغار غير مرئية فتختلف آثار السيارة بحلولها في البروج المختلفة الكواكب لكن لم يقل به أحد منهم فإن قلت البروج المعتبرة فيه وإن كانت خالية عن الكواكب إلا أنها تسامتها كواكب متخالفة الطبائع وهذا القدر كاف لاختلاف الأحكام والآثار قلت تلك الكواكب تزول عن المسامتة بالحركة البطيئة فيلزم أن تنقل الأحوال من برج إلى آخر وهو باطل عندكم (ثم) إنا نقول (اختصاص كل كوكب بجزء) معين من أجزاء الفلك (
يبطل بساطة الأفلاك) إذ لو كانت بسيطة لزم الترجيح بلا مرجح وعلى هذا (فيعود الإشكال) أعني
بطلان الهيئة المتخيلة وما يترتب عليه من
بطلان الأحكام * الفرقة (الثالثة الثنوية ومنهم المجوس) فإنهم (قالوا
____________________
مادة الآخر في الاستعداد على أنه قد يمنع الاتفاق الذي ذكره (قوله من السيارات وبعدها عنها) إنما قدر صلة للقرب ولم يحمل العبارة على قرب بعض الثوابت من البعض لأن العبارة الظاهرة في ذلك هو التقارب والتسامت على أنه لا احتياج في تلك الأحكام إلى اعتبار وضع بعضها مع بعض لكفاية طبائعها فيها وأما اعتبار وضعها مع السيارات فلاختلاف آثارها باختلافه كما صرح به (قوله يبطل بساطة الأفلاك) إذ لا يجوز استناد ذلك الاختصاص إلى طبائع الكواكب لأن اختلاف النسب فيما يشابه المنسوب إليه مما لا يعقل وإن كان المنسوب أمورا متخالفة