ذهبوا إلى أن مشيئة الفعل الذي هو الفيض
والجود لازمة لذاته كلزوم العلم وسائر الصفات الكمالية له فيستحيل الانفكاك بينهما فمقدم الشرطية الأولى واجب صدقه ومقدم الثانية ممتنع الصدق وكلتا الشرطيتين صادقتان في حق الباري سبحانه وتعالى وأشار المصنف إلى الاحتجاج على كونه قادرا بقوله (وإلا) أي وإن لم يكن قادرا بل موجبا بالذات (لزم أحد الأمور الأربعة إما نفي الحادث) بالكلية (أو عدم استناده إلى المؤثر أو التسلسل أو تخلف الأثر عن المؤثر) الموجب التام (وبطلان) هذه (اللوازم) كلها (دليل
بطلان الملزوم) أما (بيان الملازمة) فهو (أنه) على تقدير كونه تعالى موجبا (إما أن لا يوجد حادث أو يوجد فإن لم يوجد فهو الأمر الأول وإن وجد فأما أن لا يستند) ذلك الحادث الموجود (إلى مؤثر) موجد (أو يستند فإن لم يستند فهو الثاني) من تلك الأمور (وإن استند فأما أن لا ينهى إلى قديم أو ينتهى فإن لم ينته فهو الثالث) منها لأنه إذا استند إلى مؤثر لا يكون قديما ولا منتهيا إليه فلا بد هناك من مؤثرات حادثة غير متناهية مع كونها مترتبة مجتمعة وهو تسلسل محال اتفاقا (وإن انتهي فلا بد) هناك (من قديم يوجب حادثا بلا واسطة) من الحوادث (دفعا للتسلسل) في الحوادث سواء كانت مجتمعة أو متعاقبة (فيلزم الرابع) وهو التخلف عن المؤثر الموجب التام ضرورة تخلف ذلك الحادث الصادر بلا واسعة عن القديم الذي يوجبه بذاته وأما
بطلان اللوازم فالأول بالضرورة والثاني بما علمت من أن الممكن الحادث محتاج إلى مؤثر والثالث بما مر في مباحث التسلسل والرابع بأن الموجب التام ما يلزمه أثره وتخلف اللازم عن الملزوم محال وبأنه يلزم الترجيح بلا مرجح
____________________
متعلق الإرادة يجب أن يكون حادثا والعلم قديم عندهم فليس هذا المنقول عنهم إلا تمويها وتلبيسا هذا كلامه وقد سبق في مباحث القدم منع المقدمة الأخيرة فليرجع إليه (قوله كلزوم العلم وسائر الصفات الكمالية) فإن قلت هذا يشعر بزيادة الصفات قلت لو سلم فالتنظير لا يلزم أن يكون على مذهب الفلاسفة ولعل المراد كلزوم الصفات الكمالية عندنا (قوله فإن لم يوجد فهو الأمر الأول) اعترض عليه في شرح المقاصد بأن التالي في كل من الشرطيتين الأوليتين عين المقدم وقد يجاب بأن المقدم في الشرطية الأولى عدم وجود الحادث والتالي نفي الحادث والمغايرة بينهما ظاهرة ولا ضرورة داعية إلى جعل النفي بمعنى الانتفاء حتى يلزم ما ذكر والمقدم في الثانية أن لا يكون مستندا والتالي عدم الاستناد والعدم المضاف إلى الاستناد يجوز أن يكون متعديا ولا يلزم أن يجعل مصدرا من المجهول ولا يخفى ما فيه من التعسف فتأمل (قوله فإن لم ينته فهو الثالث) قيل عليه كان الأنسب أن يقول فإن لم ينته إلى قديم أو انتهى بواسطة صفات لا تتناهى وأجيب بأن المذكور في الدليل هو التسلسل في الحوادث الممكنة الغير القائمة بذاته تعالى وأما احتمال التسلسل في الحوادث القائمة به تعالى فقد أشار إلى بطلانه بقوله واعلم أن هذا