لا تقتضي ذلك (بل هي واردة في بعض الكفار) الذين كفروا بعد إيمانهم (لقوله أكفرتم بعد إيمانكم * الثامن إنه) أي مرتكب الكبيرة (من أصحاب المشأمة وقال تعالى والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة) فدل على أنه كل من كان من أصحاب المشأمة فهو كافر (قلنا هو) أي ما ذكرتم من معنى الآية (من باب إيهام العكس) فإنها تدل على أن كل من كفر كان من أصحاب المشأمة وذلك لا ينعكس كليا كما توهمتموه (و) أيضا (ينتقض) استدلالكم بهذه الآية (بالزاني والسارق) المصدقين بما هو من ضرورات الدين فإنهما من أصحاب المشأمة) مع عدم تكذيبهما * (التاسع) قوله تعالى (ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون وإنه يقتضي حصر المبتدأ في الخبر) والصحيح المطابق للنهاية حصر الخبر في المبتدأ فيصدق حينئذ إن كل فاسق كافر (قلنا الحصر) الذي ذكرتموه (ممنوع) كونه مستفادا من الآية (لأن الكافر ابتداء كذلك) أي فاسق لغة وإن لم يطلق لفظ الفاسق في العرف الطارئ على الكافر فلا ينحصر الفاسق مطلقا فيمن كفر بعد ذلك بل المنحصر فيه الفاسق الكافر الكامل * (العاشر) قوله تعالى (أنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون والفاسق آيس من روح الله) أي ثوابه (قلنا) كونه آيسا (ممنوع للرجاء) الحاصل له بسبب إيمانه (الحادي عشر) قوله تعالى (إنك من تدخل النار فقد أخزيته مع قوله إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين) وتقريره إن الفاسق يدخل النار للآيات العامة الموعدة وكل من يدخل النار فهو مخزي للآية الأولى وكل مخزي كافر للآية الثانية (قلنا المفرد المحلى باللام)
____________________
يوردون الكلام في فاسق يكون فسقة بترك الوضوء (قوله الثامن إنه من أصحاب المشأمة) قيل هم الذين يعطون كتابهم بشمالهم فيمكن منع كون مرتكب الكبيرة منهم كما سيجئ مثله وقيل هم الذين هم شؤم وشر على أنفسهم فكذلك يمكن المنع لأن الشؤم والشر بالكفر وقيل الذين يسلك بهم إلى النار شمالا والظاهر إمكان المنع حينئذ أيضا (قوله من باب إيهام العكس) قيل في كونه من هذا الباب بحث إذا الظاهر من الآية حصر أصحاب المشأمة على الذين كفروا فلو لم يكن صاحب الكبيرة المحكوم عليه أيضا بكونه منها كافرا لم يصح ذلك الحصر والجواب إن هم أوليس ضمير الفصل لأنه شرطه على ما بين في النحو أن يكون الخبر معرفا باللام أو افعل من أو فعلا مضارعا فعدم الحصر حينئذ ظاهر (قوله مع عدم تكذيبهما فيه خلل مبني على توهم نظم الآية هكذا والذين كذبوا بآياتنا وتبديله بقوله مع عدم كفرهم لا يجدي نفعا لأنه غير مسلم عند الخصم (قوله إنك من تدخل النار فقد أخزيته) لا يقال هذا حكاية كلام الأبرار ولا يمتنع الكذب عليهم لأنا نقول هو في معرض التصديق عرفا نعم يمكن أن يقال يحتمل أن يكون أخزيته من الخزاية لا من الخزي فلا يتكرر الوسط في القياس الذي ذكره ولا يتم الاستدلال على أن الخزي الذي يكون اليوم ظرفا له خزي خاص فلعله خزي يوم الحساب لا خزي يوم دخول النار