أن ذكر قسمين لا يدل على عدم قسم ثالث * (السابع عشر قوله عليه السلام من ترك صلاة متعمدا فقد كفر وقوله عليه السلام من
مات ولم
يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا قلنا الآحاد لا تعارض الاجماع) المنعقد قبل حدوث المخالفين * والثامن عشر ولاية الله وعداوته ضدان فلا واسطة بينهما وولاية الله إيمان وعداوته كفر قلنا لا نسلم عدم الواسطة بين كل ضدين) فإن السواد والبياض متضادان وبينهما واسطة فجاز أن يكون بين ولايته وعداوته واسطة (احتج من زعم أنه) أي مرتكب الكبيرة (منافق بوجهين (الأول) نقلي وهو (قوله عليه
الصلاة والسلام آية
المنافق ثلاثة إذا وعد أخلف وإذا حدث كذب وإذا أئمن خان قلنا هو متروك الظاهر لأن من وعد غيره أن يخلع عليه خلعة نفيسة ثم أخلفه لم يخرج) بذلك (عن الإيمان إلى النفاق إجماعا) وقيل معناه إن هذه الخصال الثلاث إذا صارت معا ملكة الشخص كانت علامة لنفاقه وأما بدون كونها ملكة فلا ألا ترى أن أخوة يوسف وعدوا أباهم أن يحفظوا فاخلفوا وائتمنهم أبوهم فخانوا وكذبوا في قولهم فأكله الذئب وما كانوا منافقين اتفاقا على أن العلامة الدالة على شئ قد لا تكون قطعية الدلالة فيجوز تخلف المدلول عنها * (الثاني) عقلي وهو (أن من اعتقد) من العقلاء (إن في هذا الجحر حية لم يدخل يده فيه فإذا زعم ذلك ثم أدخل يده فيه علم أنه قاله لا عن اعتقاد) وكذا الحال فيمن ارتكب الكبيرة (قلنا مضرة الحية عاجلة محققة بخلاف عقاب الذنب لأنها آجلة) وغير محققة (إذ
يجوز التوبة والعفو فافترقا * احتج
المعتزلة بوجهين الأول إن الفاسق أوليس مؤمنا لما مر) من أن الإيمان عبارة عن الطاعات (ولا كافرا بالإجماع لأنهم) أي الصحابة ومن بعدهم من السلف (كانوا
____________________
ففساق المؤمنين يدخلون في الذين اتقوا اللهم إلا أن يقال سوق بعض فساقهم إلى النار مما لا شبهة فيه فيلزم أن يكونوا كافرين ولا قائل بالفصل وحينئذ يحتاج إلى جواب المتن قطعا (قوله وهو قوله عليه السلام آية المنافق) قيل يحتمل أن يراد المنافق في الأعمال لا في الدين وقد يقال لا معنى لقول الحسن رضي الله عنه لأن النفاق إظهارا لصلاح مع فساد الباطن والفاسق من صلحت سريرته وظهر فساده فكان ضد المنافق وأنت خبير بأنه إذا كان مراده بالمنافق مبطن الكفر ومظهر الإيمان لم يتجه ما ذكر (قوله احتج المعتزلة) قال في شرح المقاصد وفي كلام المتأخرين من المعتزلة ما يرفع النزاع وذلك أنهم لا ينكرون وصف الفاسق بالإيمان بمعنى التصديق أو بمعنى إجراء الأحكام بل بمعنى استحقاق المدح وغاية التعظيم وهو الذي نسميه الإيمان الكامل ونعتبر فيه الأعمال وتنفيه عن الفاسق فيكون لهم منزلة بين منزلة النوع من الإيمان وبين منزلة الكفر باتفاق وكأنه رجوع عن المذهب وإعراض كما يقال في نفي الصفات إنا نريد ما هو من قبيل الأعراض وإلا فقدماؤهم يصرحون بأن من أخل بالطاعة أوليس بمؤمن بحسب الشرع بل بمجرد اللغة وبأن القول بتعدد التقديم كفر من غير فرق