(المقصد الرابع) في أن مرتكب الكبيرة من أهل
الصلاة) أي من أهل القبلة (مؤمن وقد تقدم بيانه في مسألة حقيقة الإيمان وغرضنا ههنا ذكر مذهب المخالفين والجواب عن شبهتهم ذهب
الخوارج إلى أنه كافر
والحسن البصري إلى أنه منافق
والمعتزلة إلى أنه لا مؤمن ولا كافر حجة
الخوارج وجوه الأول قوله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فاؤلئك هم الكافرون) فإن كلمة من عامة في كل من لم يحكم بما أنزل فيدخل فيه الفاسق المصدق وأيضا فقد علل كفرهم بعدم الحكم
فكل من لم يحكم بما أنزل الله كان كافرا والفاسق لم يحكم بما أنزل الله (قلنا) الموصولات لم توضع للعموم بل هي للجنس تحتمل العموم والخصوص فنقول (المراد من لم يحكم بشئ مما أنزل الله أصلا) ولا نزاع في كونه كافرا (أو) نقول المراد بما أنزل الله (هو التوراة بقرينة ما قبله وهو إنا أنزلنا التوراة الآية وأمتنا غير متعبدين بالحكم فيختص باليهود) فيلزم أن يكونوا كافرين إذا لم يحكموا بالتوراة ونحن نقول بموجبه * (الثاني) من تلك الوجوه قوله تعالى وهل يجازى إلا الكفور) فإنه يدل على أن كل من يجازى فهو كافر وصاحب الكبيرة ممن يجازى لقوله ومن
يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم فيكون كافرا (قلنا) هو (متروك الظاهر) لأن ظاهره حصر الجزاء في الكفور وهو متروك قطعا (إذ يجازي غير الكفور وهو المثاب) لأن الجزاء يعم الثواب والعقاب (و) أيضا ذلك الحصر متروك (لقوله تعالى اليوم تجزى كل نفس بما كسبت) فوجب حمل الآية على جزاء مخصوص بالكافر كما يدل عليه سياق الآية أعني قولك ذلك جزيناهم بما كفروا فالمعنى وهل يجازى
____________________
كان لا يثبت الباري خص باسم المعطل (قوله ذهب الخوارج إلى أنه كافر وذهب الأزارقة إلى أنه مشرك لأنه يعمل عملا لله تعالى وعملا لغيره وهو نفسه أو الشيطان أو غيرها (قوله والحسن البصري إلى أنه منافق) أي مظهر للإيمان مبطن للكفر وأصله من نافق اليربوع أي أخذ في نافقائه وهي إحدى جحريه يكتمها ويظهر غيرها وهو موضع يرفعه فإذا أتي من قبل القاصعاء وهو جحره الذي يقصع فيه أي يدخل ضرب النافقاء برأسه فينفق ويخرج منه والحق إن مذهب الحسن راجع إلى مذهب الخوارج ولا يمكن حمل كلامه على أنه مؤمن في الجملة وإن لم يكن مؤمنا كاملا لأن الوجه الثاني من وجهي استدلاله على مذهبه يدل على عدم الاعتقاد فيكون كافرا اللهم إلا أن يراد بنفي الاعتقاد تضعيفه على نمط قولهم زيد أوليس بشئ وعلى هذا يؤل إلى كلام أهل السنة والمشهور خلافه وفي بعض الكتب إن الحسن البصري رجع عن هذا المذهب (قوله المراد من لم يحكم بشئ مما أنزل الله تعالى أصلا) وقد يجاب بأن الحكم بالشئ التصديق به ولا شك إن لم يصدق بما أنزل الله تعالى فهو كافر وليس بشئ لأن السياق صريح في أن المراد بالحكم بما أنزل الله تعالى هو القضاء فيما بين الناس بما يوافقه