أصلها وفي كونه إشارة إلى المذكور مطلقا إخراجها عنه (هذا) كما مضى (و) أما المقدمة (الثالثة) وهي أن الإسلام هو الإيمان فهي (إنما تصح) ونثبت بالدليل الأول (لو كان الإيمان دينا غير السلام) لأن الآية إنما دلت على أن كل دين مغاير للإسلام فإنه غير مقبول لا على أن كل شئ مغاير له غير مقبول فالاتحاد بين الإسلام والإيمان إنما يثبت بهذه الآية إذا ثبت كون الإيمان دينا (وفيه مصادرة لا يخفى) لأن كون الإيمان دينا أي عمل الجوارح الذي هو الإسلام في قوة كونه عين الإسلام فإثبات الثاني بالأول يكون دورا من قبيل أخذ المطلوب في إثباته ولو اقتصر على
منع كونه دينا إذ هو في قوة أول المسألة أعني كون الإيمان عمل الجوارح لكان أولى وأما قضية الاستثناء فإنها تدل علي تصادق المسلم والمؤمن دون الإسلام والإيمان ألا يرى أن الضاحك يصدق على الباكي ولا تصادق بين الضحك والبكاء فضلا عن الاتحاد (الثاني) من تلك الوجوه قوله تعالى (وما كان الله ليضيع إيمانكم أي صلاتكم إلى بيت المقدس) وذلك لنزول الآية بعد تحويل القبلة دفعا لتوهم إضاعة صلوات كانت إليه (قلنا بالتصديق بها) أي لا يضيع تصديقكم بوجوب
الصلوات التي توجهتم فيها إلى بيت المقدس وما ترتب على ذلك التصديق وهو تلك
الصلوات فلا يلزم حينئذ تغيير اللفظ عن معناه الأصلي وإن سلم أن المراد
الصلاة جاز أن يكون مجاز وهو أولى من النفل الذي هو مذهبكم (الثالث قاطع الطريق أوليس بمؤمن) فيكون ترك المنهي داخلا في الإيمان وإنما قلنا هو أوليس بمؤمن (لأنه يخزي)
يوم القيامة (لقوله تعالى فيهم ولهم) في الآخرة عذاب عظيم قال المفسرون أي (ولهم في الآخرة عذاب النار) فالمذكور في الكتاب معنى
القرآن لا نظمه (مع قوله تعالى حكاية على سبيل التصديق والتقرير (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته) فإن هذين القولين معا يدلان على أن قاطع الطريق يخزي
يوم القيامة (والمؤمن لا يخزي) في ذلك اليوم (لقوله تعالى يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه قلنا) عدم الاخزاء لا يعم المؤمنين جميعا بل (هو مخصوص بالصحابة) كما يدل عليه لفظ معه (ولا قاطع طريق فيهم) فلا يتم هذا الاستدلال وأيضا
يجوز أن يكون
____________________
أمرتم به كما ذكره الشارح فيما سبق وإن لم يذكره المصنف (قوله أي صلاتكم) لو صح هذا لزم أن يكون الصلاة وحدها إيمانا مع أنه فعل جميعا الواجبات عندهم (قوله مجازا) لظهور العلاقة وهي كون الصلاة من شعب الإيمان وثمراته ودالة عليه (قوله ولا قاطع طريق فيهم) بل كلهم عدول ولهذا لم يختلف في قبول