شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٢٢٩
عادته بخلق العلم بالصدق عقيبه) أي عقيب ظهور المعجزة (فإن إظهار المعجز على يد الكاذب وإن كان ممكنا عقلا فمعلوم انتفاؤه عادة) فلا تكون دلالته عقلية لتخلف الصدق عنه في الكاذب بل عادية (كسائر العاديات لأن من قال أنا نبي ثم نتق الجبل وأوقفه على رؤسهم وقال إن كذبتموني وقع عليكم وإن صدقتموني انصرف عنكم فكلما هموا بتصديقه بعد عنهم وإذا هموا بتكذيبه فرب منهم علم بالضرورة أنه صادق في دعواه والعادة قاضية بامتناع ذلك من الكاذب) مع كونه ممكنا عنه إمكانا عقليا لشمول قدرته تعالى للمسكنات بأسرها (وقد ضربوا لهذا مثلا قالوا إذا ادعى الرجل بمشهد الجم الغفير إني رسول هذا الملك إليكم ثم قال للملك إن كنت صادقا فخالف عادتك وقم من الموضع المعتاد لك من السرير واقعد بمكان لا تعتاده ففعل كان ذلك نازلا منزلة التصديق بصريح مقاله ولم يشك أحد في صدقه بقرينة الحال وليس هذا) الذي ذكرناه (من باب قياس الغائب على الشاهد) حتى يتجه عليه أن الشاهد تعلل أفعاله بالأغراض لأنه يراعي المصالح ويدرأ المفاسد بخلاف الغائب إذ لا يبالي بالمصلحة والمفسدة فلا يصح القياس (بل ندعي في إفادته العلم الضرورة العادية) أي ندعي إن ظهور المعجز يفيد علما بالصدق وإن كونه مفيدا له معلوم لنا بالضرورة العادية (ونذكر هذا) المثال (للتفهيم وزيادة التقرير وقالت المعتزلة خلق المعجز على يد الكاذب) مقدور لله تعالى لعموم قدرته لكنه (ممتنع) وقوعه في حكمته (لأن فيه إيهام صدقه وهو إضلال قبيح من الله) فيمتنع صدوره عنه كسائر القبائح (قال الشيخ وبعض أصحابنا إنه) أي خلق المعجزة على يد الكاذب (غير مقدور) في نفسه (لأن لها) أي للمعجزة (دلالة على الصدق قطعا) أي دلالة قطعية يمتنع التخلف فيها (فلا بد لها من وجه دلالة) إذ به يتميز الدليل الصحيح عن غيره (وإن لم نعلمه) أي ذلك الوجه (بعينه فإن دل) المعجز المخلوق على يد الكاذب (على الصدق كان الكاذب صادقا) وهو محال (وإلا انفك) المعجز (عما يلزمه) من دلالته القطعية على مدلوله وهو أيضا محال (وقال القاضي اقتران ظهور المعجزة
____________________
(قوله فمعلوم انتفاؤه عادة الخ) قيل فيه بحث لأن معلومية انتفائه عادة لا ينافي أن يكون بقياس خفي جبلي مجبول في الطبائع وهو قبح تصديق الكاذب من الله تعالى وأنه لا يفعل ذلك لحصول الاضلال الصريح ثم إن كون الكذب صفة نقص وقبيحا والصدق صفة كما وحسنا مما لا ينبغي أن ينكر وإن أنكر بمعنى ترتب الثواب والمدح والعقاب والذم فليتأمل واعلم أنهم جوزوا ظهور الخوارق على يد المتأله ابتلاء دون المتنبي فإن الأدلة القطعية قائمة على كذبه بخلاف مدعي النبوة ويظهر منه أنهم يجوزون ظهوره على يد من يدعي النبوة بعد خاتم الأنبياء عليه
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344