(فأما أن يقع المشروط فيكون) هو أيضا (ممكنا وإلا فلا معنى للتعليق به و) إيراد (الشرط والمشروط) لأنه حينئذ منتف على تقديري وجود الشرط وعدمه لا يقال فائدة التعليق ربط العدم بالعدم مع السكوت عن ربط الوجود بالوجود لأنا نقول إن المتبادر في اللغة من مثل قولنا إن ضربتني ضربتك هو الربط في جانبي الوجود والعدم معا لا في جانب العدم فقط كما هو المعتبر في الشرط المصطلح (تذنيب) كل ما سنتلوه عليك) في المقام الثاني (مما يدل على وقوع الرؤية فهو دليل على جوازها) وصحتها بلا شبهة (فلا نطول بذكرها) في هذا (الكتاب) كما فعله جمع من الأصحاب والله الموفق للصواب (المسلك الثاني) من مسلكي صحة الرؤية (هو العقل والعمدة) في المسلك العقلي (مسلك الوجود وهو طريقة الشيخ) أبي الحسن (والقاضي) أبي بكر (وأكثر أئمتنا وتحريره إنا نرى الأعراض كالألوان والأضواء وغيرهما) من الحركة والسكون ولاجتماع والافتراق (وهذا ظاهر ونرى الجوهر) أيضا وذلك (لأنا نرى الطول والعرض) في الجسم ولهذا نميز الطويل من العريض وتميز الطويل من الأطول وليس الطول والعرض عرضين قائمين بالجسم لما تقرر من أنه مركب من الجواهر الفردة فالطول مثلا إن قام بجزء واحد منها فذلك الجزء يكون أكثر حجما من جزء آخر فيقبل القسمة هذا خلف وإن قام بأكثر من جزء واحد لزم قيام العرض الواحد بمحلين وهو محال فرؤية الطول والعرض هي رؤية الجواهر التي تركب منها الجسم (فقد ثبت أن صحة الرؤية مشتركة بين الجوهر والعرض وهذه الصحة لها علة) مختصة بحال
____________________
بدليل الفاء وإن فلا يرد السكون السابق واللاحق (قوله فهو دليل على جوازها) قيل عليه الاستدلال بالأدلة السمعية موقوف على إمكان مدلولاتها إذ لو امتنعت تصرف الأدلة عن ظاهرها فالاستدلال بها على إمكانها دور وأجيب بأن الاستدلال بالأدلة السمعية إنما يتوقف على عدم حكم العقل بامتناعها بداهة واستدلالا لا على الجزم بإمكانها فيمكن الاستدلال بها على ذلك الجزم (قوله ولهذا نميز الطويل من العريض) يرد عليه أن تمييز أحدهما من الآخر ولو باستعمال البصر لا يستلزم رؤية الطول والعرض ألا ترى إنا نميز الأقطع من الأعمى مع أن الأقطعية والعمى ليسا بمرئيين قطعا وإن أراد التمييز بسبب رؤية الطول والعرض فهو مصادرة وقد يجاب بأن المراد هو التميز بمجرد استعمال البصر من غير أن يكون لأمر آخر مدخل فيه وتمييز الأعمى من الأقطع من حيث هو ذلك يحتاج إلى معاونة العقل وراء المعاونة الأساسية وأنت خبير بأن الكلام في ثبوت الفرق فتدبر (قوله لزم قيام العرض الواحد بمحلين وهو محال) فإن قلت لعل للطول جزءا خارجا قائما بجزء المحل قلت جزء الطول طول على ما اعترف به المثبتون لاقتضاء أصلهم فيعود المحذور نعم يرد عليه أن المحال قيام العرض الواحد بمحلين على أن يكون كل منهما