يا ليتني شاهد فحواء دعوته * إذا قريش تبغى الحق خذلانا قلت: وروي عن ثعلب أيضا: إنما سمي يوم الجمعة، لأن قريشا كانت تجتمع إلى قصى في دار الندوة، والجمع بين قوله هذا والذي تقدم ظاهر. وقال أقوام: إنما سميت الجمعة في الإسلام، وذلك لاجتماعهم في المسجد، وفي حديث الكشى أن الأنصار سموه جمعة لاجتماعهم فيه. وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قال: إنما سمي يوم الجمعة، لأن الله تعالى جمع فيه خلق آدم عليه السلام وأخرجه السهيلي في الروض من طريق سليمان التيمي.
فائدة:
قال اللحياني: كان أبو زياد وأبو الجراح يقولان: مضت الجمعة بما فيها، فيوحدان ويؤنثان، وكانا يقولان: مضى السبت بما فيه، ومضى الأحد بما فيه، فيوحدان ويذكران. واختلفا فيما بعد هذا، فكان أبو زياد يقول: مضى الاثنان بما فيه، ومضى الثلاثاء بما فيه، وكذلك الأربعاء والخميس. قال: وكان أبو الجراح يقول: مضى الاثنان بما فيهما، ومضى الثلاثاء بما فيهن، ومضى الأربعاء بما فيهن، ومضي الخميس بما فيهن، فيجمع ويؤنث، يخرج ذلك مخرج العدد.
قال أبو حاتم: من خفف قال في ج: جمع، كصرد وغرف، وجمعات، بالضم، وبضمتين كغرفات، وغرفات وتفتح الميم في جمع الجمعة، كهمزة: قال: ولا يجوز جمع في هذا الوجه.
ويقال: آدام الله جمعة ما بينكما بالضم، كما يقال: ألفة ما بينكما (1)، قاله أبو سعيد.
والجمعاء: الناقة الكافة الهرمة، عن ابن الأعرابي. والجمعاء من البهائم: التي لم يذهب من بدنها شيء، ومنه الحديث كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء أي سليمة من العيوب، مجتمعة الأعضاء كاملتها، فلا جدع ولاكي.
وجمعاء: تأنيث أجمع، وهو واحد في معنى جمع، وجمعه: أجمعون. وفي الصحاح: جمع جمع جمعة، وجمع جمعاء في توكيد المؤنث، تقول: رأيت النسوة جمع، غير مصروف، وهو معرفة بغير الألف واللام، وكذلك ما يجري مجراه من التوكيد، لأنه توكيد للمعرفة، وأخذت حقي أجمع، في توكيد المذكر وهو توكيد محض، وكذلك أجمعون وجمعاء وجمع، وكذلك أجمعون وجمعاء وجمع، وأكتعون، وأبتعون، وأبصعون، لا يكون إلا تأكيدا تابعا لما قبله، لا يبتدأ ولا يخبر به، ولا عنه، ولا يكون فاعلا ولا مفعولا، كما يكون غيره من التواكيد اسما مرة، وتوكيدا أخرى، مثل: نفسه وعينه وكله. وأجمعون: جمع أجمع، وأجمع واحد في معنى جمع، وليس له مفرد من لفظه، والمؤنث جمعاء، وكان ينبغي أن يجمعوا جمعاء بالألف والتاء، كما جمعوا أجمع بالواو والنون، ولكنهم قالوا في جمعها: جمع. انتهى ونقله الصاغاني أيضا هكذا.
وفي اللسان: وجميع يؤكد به، يقال: جاءوا جميعا: كلهم، وأجمع من الألفاظ الدالة على الإحاطة وليست بصفة، ولكنه يلم به ما قبله من الأسماء ويجري على إعرابه، فلذلك قال النحويون: صفة، والدليل على أنه ليس بصفة قولهم: أجمعون، فلو كان صفة لم يسلم جمعه ولو كان مكسرا، والأنثى جمعاء، وكلاهما معرفة لا ينكر عند سيبويه. وأما ثعلب فحكى فيهما التنكير والتعريف جميعا، يقول: أعجبني القصر أجمع وأجمع، الرفع على التوكيد والنصب على الحال، والجمع جمع معدول عن جمعاوات، أو جماعي، ولا يكون معدولا عن جمع، لأن أجمع ليس بوصف، فيكون كأحمر وحمر. قال أبو علي: باب أجمع وجمعاء، وأكتع وكتعاء وما يتبع ذلك من بقيته، إنما هو اتفاق وتوارد وقع في اللغة على غير ما كان في وزنه منها، لأن باب أفعل وفعلاء إنما هو للصفات، وجميعها يجيء على هذا الوضع نكرات، نحو أحمر وحمراء، وأصفر وصفراء، وهذا ونحوه صفات نكرات، فأما أجمع وجمعاء فاسمان معرفتان، ليسا بصفتين، فإنما ذلك اتفاق وقع بين هذه الكلمة المؤكد بها، ويقال: لك هذا المال أجمع، ولك هذه الحنطة جمعاء. وتقدم البحث في ذلك في ب ت ع. وفي الصحاح: يقال: جاءوا بأجمعهم وتضم الميم، كما تقول: جاءوا بأكلبهم جمع كلب، أي كلهم. قال ابن بري: وشاهد الأخير قول أبي دهبل: