فأرسلنا ربيئتنا فأوفى * فقال ألا ولي خمس رتوع؟
وقال ابن هرمة:
وفي الشوطين ثبت بعقب شأو * يغض خواته الإبل الرتوعا وقد أرتع فلان إبله، أي أسامها، فرتعت.
ومن المجاز: قوله تعالى - مخبرا عن إخوة يوسف - (أرسله معنا غدا يرتع ويلعب) (1)، أي يلهو وينعم، وقيل: معناه يسعى وينبسط، وقرئ نرتع بضم النون وكسر التاء ويلعب بالياء أي نرتع نحن دوابنا ومواشينا ويلعب هو، وهي قراءة مجاهد وقتادة وابن قطيب.
وقرئ بالعكس، أي يرتع، بضم الياء وكسر التاء، ونلعب بالنون، أي: يرتع هو دوابنا ونلعب نحن جميعا، وهي قراءة قربى (2) وقرئ بالنون فيهما أي نرتع دوابنا ونلعب نحن جميعا، وهي قراءة ابن محيصن، ورواية عن مجاهد أيضا.
والرتعة، بالفتح: الاسم من رتع رتعا ورتوعا ورتاعا، وهو الاتساع في الخصب، ومنه المثل: القيد والرتعة. كذلك بالفتح، قالها الفراء، ويحرك، عن غيره، كما في العباب، ونسب صاحب اللسان التحريك إلى الفراء، فإنه قال: قال أبو طالب: سماعي من أبي عن الفراء: والرتعة مثقل، قال: وهما لغتان، فلعل الفراء عنه روايتان. قال المفضل: أول من قاله عمرو بن الصعق بن خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب، وكانت شاكر بن ربيعة بن مالك بن معاوية بن صعب بن دومان - قبيلة من همدان - أسروه فأحسنوا إليه وروحوا عنه، وقد كان يوم فارق قومه نحيفا، فهرب من شاكر، فبينما هو بقي (3) من الأرض إذ اصطاد أرنبا فاشتواها، فلما بدأ يأكل منها أقبل ذئب، فأقعى غير بعيد، فنبذ إليه من شوائه، فولى به، فقال عمرو عند ذلك:
لقد أوعدتني شاكر فخشيتها * ومن شعب ذي همدان في الصدر هاجس قبائل شتى ألف الله بينها * لها جحف فوق المناكب نائس ونار بموماة قليل أنيسها * أتاني عليها أطلس اللون بائس (4) نبذت إليه حزة من شوائنا * فآب وما يخشى على من يجالس (5) فولى بها جذلان ينفض رأسه * كما آض بالنهب المغير المخالس (6) فلما وصل إلى قومه قالوا: أي عمرو، خرجت من عندنا نحيفا، وأنت اليوم بادن، أي سمين، فقال: " القيد والرتعة "، فأرسلها مثلا، أي: الخصب. ومنه حديث الحجاج، قال للغضبان الشيباني حين أخرجه من سجنه: سمنت يا غضبان، فقال: الخفض والدعة، والقيد والرتعة، وقلة التعتعة.
* ومن يكن ضيف الأمير يسمن * وقال ابن الأنباري: فلان مرتع أي إنه مخصب لا يعدم شيئا يريده، وهو مجاز.
والمرتع، كمقعد: موضع الرتع، نقله الجوهري، قال الفرزدق لما ولي عمر بن هبيرة الفزاري العراق:
ومضت بمسلمة البغال مودعا * فارعي فزارة لا هناك المرتع قال الصاغاني: وأنشد سيبويه:
* راحت بمسلمة البغال عشية *