السحاب. وقد يجوز أن يكون على لقحت فهي لاقح، فإذا لقحت فزكت ألقحت السحاب، فيكون هذا مما اكتفي فيه بالسبب عن المسبب، قاله ابن سيده.
وقال الأزهري: قرأها حمزة " لواقح " (1) فهو بين، ولكن يقال إنما الريح ملقحة تلقح الشجر فكيف قيل لواقح؟ ففي ذلك معنيان: أحدهما أن تجعل الريح هي التي تلقح بمرورها على التراب والماء، فيكون فيها اللقاح، فيقال: ريح لاقح، كما يقال: ناقة لاقح، ويشهد على لك أنه وصف ريح العذاب بالعقيم، فجعلها عقيما إذ لم تلقح. والوجه الآخر: وصفها باللقح وإن كانت تلقح، كما قيل ليل نائم، والنوم فيه، وسر كاتم، وكما قيل المبروز والمختوم، فجعله مبروزا ولم يقل مبرزا فجاز مفعول لمفعل كما جاز فاعل لمفعل (2). وقال أبو الهيثم: ريح لاقح، أي ذات لقاح، كما يقال درهم وازن، أي ذو وزن، ورجل رامح وسائف ونابل، ولا يقال رمح ولا ساف ولا نبل، يراد ذو سيف وذو نبل وذو رمح. قال الأزهري: ومعنى قوله [تعالى] " وأرسلنا الرياح لواقح "، أي حوامل، جعل الريح لاقحا لأنها تحمل الماء والسحاب وتقلبه وتصرفه ثم تستدره فالرياح لواقح أي حوامل على هذا المعنى. ومنه قول أبي وجزة:
حتى سلكن الشوى منهن في مسك * من نسل جوابة الآفاق مهداج سلكن يعنى الأتن، أدخلن شواهن، أي قوائمهن في مسك، أي فيما (3) صار كالمسك لأيديهما. ثم جعل ذلك الماء من نسل ريح تجوب البلاد. فجعل الماء للريح كالولد، لأنها حملته. ومما يحقق ذلك قوله تعالى: " وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا " (4) أي حملت. فعلى هذا المعنى لا يحتاج إلى أن يكون لاقح بمعنى ذي لقح، ولكنها تحمل السحاب في الماء. قال الجوهري رياح لواقح ولا يقال ملاقح، وهو من النوادر، وقد قيل: الأصل فيه ملقحة، ولكنها لا تلقح إلا وهي في نفسها لاقح، كأن الرياح لقحت بخير، فإذا أنشأت السحاب وفيها خير وصل ذلك إليه.
قال ابن سيده: وريح لاقح، على النسب، تلقح الشجر عنها، كما قالوا في ضده: عقيم. وحرب لاقح على المثل (5) بالأنثى الحامل. وقال الأعشي.
إذا شمرت بالناس شهباء لاقح * عوان شد يد همزها وأظلت يقال همزته بناب، أي عضته.
ومن المجاز: يقال للنخلة: الواحدة: لقحت، بالتخفيف. واستلقحت النخلة أي آن لها أن تلقح. و في الأساس: ومن المجاز رجل ملقح كمعظم، أي مجرب منقع مهذب (6).
وشقيح لقيح، إتباع، وقد تقدم.
* ومما يستدرك عليه:
نعم المنحة اللقحة، وهي الناقة القريبة العهد بالنتاج. واللقح: إنبات الأرضين المجدبة قال يصف سحابا:
لقح العجاف له لسابع سبعة * فشر بن بعد تحلؤ فروينا يقول: قبلت الأرضون ماء السحاب كما تقبل الناقة ماء الفحل، وهو مجاز. وأسرت الناقة لقحا ولقاحا، وأخفت لقحا ولقاحا. قال غيلان:
أسرت لقاحا بعد ما كان راضها * فراس وفيها عزة ومياسر أسرت أي كتمت ولم تبشر به، وذلك أن الناقة إذا لقحت شالت بذنبها وزمت بأنفها واستكبرت، فبان لقحها،