إذا اغتسلت، وقال ابن قتيبة أيضا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمد، فكان يمسح بالماء يديه ورجليه وهو لها غاسل قال: ومنه قوله تعالى " وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم " المراد بمسح الأرجل غسلها. ويستدل بمسحه صلى الله عليه وسلم [برأسه وغسله] (1) رجليه بأن فعله مبين بأن المسح مستعمل في المعنيين المذكورين، إذ لو لم يقل بذلك لزم القول بأن فعله عليه السلام بطريق الآحاد ناسخ للكتاب، وهو ممتنع.
وعلى هذا فالمسح مشترك بين معنيين، فإن جاز إطلاق اللفظة الواحدة وإرادة كلا معنييها إن كانت مشتركة أو حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر، كما هو قول الشافعي، فلا كلام. وإن قيل بالمنع فالعامل محذوف، والتقدير: وامسحوا بأرجلكم مع إرادة الغسل.
ومن المجاز: المسح: القول الحسن من الرجل، وهو في ذلك ممن يخدعك به. مسحه بالمعروف، أي بالمعروف من القول وليس معه إعطاء، قاله النضر بن شميل. قيل: وبه سمي المسيح الدجال، لأنه يخدع بقوله ولا إعطاء. كالتمسيح. والمسح المشط. والماشطة. قيل: وبه سمي المسيح الدجال، لأنه يزين ظاهره ويموهه بالأكاذيب والزخارف.
ومن المجاز: المسح: القطع: وقد مسح عنقه وعضده: قطعهما.
وفي اللسان: مسح عنقه وبها، يمسح مسحا: ضربها، وقيل قطعها. قيل: وبه سمي المسيح الدجال، لأنه يضرب أعناق الذين لا ينقادون له. وقوله تعالى: " ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق " (2) يفسر بهما جميعا. وروى الأزهري عن ثعلب أنه قيل له: قال قطرب: يمسحها يبرك عليها (3) فأنكره أبو العباس وقال: ليس بشيء. قيل له: فأيش (4) هو عندك؟ فقال: قال الفراء وغيره: يضرب أعناقها وسوقها، لأنها كانت سبب ذنبه.
قال الأزهري: ونحو ذلك قال الزجاج، قال: ولم يضرب سوقها ولا أعناقها إلا وقد أباح الله له ذلك، لأنه لا يجعل التوبة من الذنب بذنب عظيم. قال: وقال: قوم إنه مسح أعناقها وسوقها بالماء بيده. قال: وهذا ليس يشبه شغلها إياه عن ذكر الله، وإنما قال ذلك قوم لأن قتلها كان عندهم منكرا، وما أباحه الله فليس بمنكر، وجائز أن يبيح ذلك لسليمان عليه السلام في وقته ويحظره في هذا الوقت. قال ابن الأثير: وفي حديث سليمان عليه السلام فطفق مسحا بالسوق والأعناق قيل: ضرب أعناقها وعرقبها. يقال: مسحه بالسيف، أي ضربه، ومسحه بالسيف: قطعه. وقال ذو الرمة:
ومستامة تستام وهي رخيصة * تباع بساحات الأيادي وتمسح (5) تمسح أي تقطع: والماسح: القتال (6).
والمسح: أن يخلق الله الشيء مباركا أو ملعونا. قال المنذري: قلت لأبي الهيثم: بلغني أن عيسى إنما سمي مسيحا لأنه مسع بالبركة وسمي الدجال مسيحا لأنه ممسوح العين، فأنكره وقال: إنما المسيح ضد المسيح، يقال مسحه الله، أي خلقه خلقا مباركا حسنا، ومسحه الله أي خلقه خلقا قبيحا ملعونا.
قلت: وهذا الذي أنكره أبو الهيثم قد قاله أبو الحسن القابسي: ونقله عنه أبو عمر الداني، وهو الوجه الثاني والثالث. وقول أبي الهيثم الرابع والخامس.
والمسح: الكذب، قيل: وبه سمي المسيح الدجال لكونه أكذب خلق الله، وهو الوجه السادس، كالتمساح، بالفتح، أنشد ابن الأعرابي:
قد غلب الناس بنو الطماح * بالإفك والتكذاب والتمساح وفي المزهر للجلال، قال سلامة بن الأنباري في شرح المقامات: كل ما ورد عن العرب من المصادر على تفعال فهو بفتح التاء، إلا لفظتين: تبيان وتلقاء. وقال أبو جعفر النحاس في شرح المعلقات: ليس في كلام العرب اسم