بغداد، سمع محمد ابن طرخان التركي (1).
والبريد: المرتب، كما في الصحاح. وفي الحديث: " لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد " أي لا أحبس الرسل الواردين علي.
قال الزمخشري: البرد ساكنا: جمع بريد، وهو الرسول، فخفف عن برد كرسل ورسل، وإنما خففه هنا ليزاوج العهد. وفي المصباح: ومنه قول بعض العرب الحمى بريد الموت، أي رسوله. وفي العناية أثناء سورة النساء: سمي الرسول بريدا لركوبه البريد، أو لقطعه البريد، وهي المسافة، وهي فرسخان. كل فرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع. أو أربعة فراسخ، وهو اثنا عشر ميلا. وفي الحديث: " لا تقصر الصلاة في أقل من أربعة برد " وهي ستة عشر فرسخا. وفي كتب الفقه: السفر الذي يجوز فيه القصر أربعة برد، وهي ثمانية وأربعون ميلا بالأميال الهاشمية التي في طريق مكة. أو ما بين المنزلين. والبريد: الفرانق، بضم الفاء، سمي به لأنه ينذر قدام الأسد، قيل: هو ابن آوى، وقيل غير ذلك، وسيأتي. والبريد الرسل على دواب البريد والجمع برد. قال الزمخشري في الفائق: البريد كلمة فارسية يراد بها في الأصل البغل (2)، وأصلها برده دم (3) أي محذوف الذنب، لأن بغال البريد كانت محذوفة الأذناب، كالعلامة لها، فأعربت وخففت، ثم سمي الرسول الذي يركبه بريدا، والمسافة التي بين السكتين بريدا. والسكة: موضع كان يسكنه الفيوج المرتبون من بيت أو قبة أو رباط، وكان يرتب في كل سكة بغال، وبعد ما بين السكتين فرسخان أو أربعة. انتهى. ونقله ابن منظور وابن كمال باشا في رسالة المعرب، وقال: وبهذا التفصيل تبين ما في كلام الجوهري وصاحب القاموس من الخلل، فتامل.
وسكة البريد: محلة بخوارزم. وقال الذهبي: بجرجان، منها أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، حدث عن الفضل بن محمد البيهقي وجماعة. قال الحافظ ابن حجر وأبو إسحاق: هكذا ضبطه الأمير بالتحتانية والزاي، مات سنة 333، ومنصور بن محمد الكاتب أبو القاسم، البريديان، حدث عن عبد الله ابن الحسن بن الضراب، وعنه السلفي.
وبرده وأبرده: أرسله بريدا، وزاد في الأساس: مستعجلا (4). وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال " إذا أبردتم إلي بريدا فاجعلوه حسن الوجه حسن الاسم ".
وقولهم: هما في بردة أخماس، فسره ابن الأعرابي فقال: أي يفعلان فعلا واحدا فيشتبهان كأنهما في بردة. وبردى، بثلاث فتحات كجمزي وبشكى. قال جرير:
لا ورد للقوم إن لم يعرفوا بردى * إذا تجوب عن أعناقها السدف نهر دمشق الأعظم، قال نفطويه، هو بردى ممال، يكتب بالياء مخرجه من قرية يقال قنوا، من كورة الزبداني، بفتح فسكون (5) على خمسة فراسخ من دمشق مما يلي بعلبك، يظهر الماء من عيون هناك ثم يصب إلى قرية على فرسخين من دمشق، وتنضم إليه أعين (6) أخرى، ثم يخرج الجميع إلى قرية تعرف بجمرايا (7) فيفترق حينئذ فيصير أكثره في بردى، ويحمل الباقي نهر يزيد وهو نهر حفره يزيد بن معاوية في لحف بعض جبل قاسيون، فإذا صار ماء بردى إلى قرية يقال لها دمر (8) افترق على ثلاثة أقسام، لبردى منه نحو النصف، ويفترق الباقي نهرين، يقال لأحدهما ثورا في شمالي بردى وللآخر باناس في قبليه، وتمر (9) هذه الأنهار الثلاث بالبوادي، ثم بالغوطة، حتى يمر بردى بمدينة دمشق في ظاهرها فيشق ما بينها وبين العقيبة حتى يصب في بحيرة المرج في شرقي دمشق، وإليه تنصب فضلات أنهرها.
ويساوقه من الجهة الشمالية نهر ثورا، وفي شمالي ثورا [نهر] يزيد، إلى أن ينفصل عن دمشق وبساتينها، ومهما فضل من ذلك كله