فأما الأولى فلا دليل فيها إذا قدر لهم خبرا، وما مبتدأ، والواو للاستئناف لا عاطفة جملة على جملة، وقدر الكلام تهديدا كقولك لعبدك: لك عندي ما تختار، تريد بذلك إيعاده أو التهكم به، بل إذا قدر (لهم) معطوفا على (لله) وما معطوفة على البنات، وذلك ممتنع في الظاهر، إذ لا يتعدى فعل الضمير المتصل إلى ضميره المتصل إلا في باب ظن وفقد وعدم نحو (فلا يحسبنهم بمفازة من العذاب) فيمن ضم الباء، ونحو (أن رآه استغنى) ولا يجوز مثل " زيد ضربه " تريد ضرب نفسه، وإنما يصح في الآية العطف المذكور إذا قدر أن الأصل ولأنفسهم ثم حذف المضاف، وذلك تكلف، ومن العجب أن الفراء والزمخشري والحوفي قدروا العطف المذكور ولم يقدروا المضاف المحذوف، ولا يصح العطف إلا به.
وأما الثانية فنص هو وغيره على أن الاستفهام فيها بمعنى النفي، فالجملة خبرية.
وقد فهم مما أوردته من أن المعترضة تقع طلبية أن الحالية لا تقع إلا خبرية، وذلك بالاجماع، وأما قول بعضهم في قول القائل:
637 - اطلب ولا تضجر من مطلب * [فآفة الطالب أن يضجرا] [ص 586] إن الواو للحال، وإن لا ناهية، فخطأ، وإنما هي عاطفة إما مصدرا يسبك من أن والفعل على مصدر متوهم من الامر السابق، أي ليكن منك طلب وعدم ضجر، أو جملة على جملة، وعلى الأول ففتحة تضجر إعراب، ولا نافية، والعطف مثله في قولك " ائتني ولا أجفوك " بالنصب وقوله:
638 - فقلت ادعى وأدعو إن أندى * لصوت أن ينادى داعيان وعلى الثاني فالفتحة للتركيب، والأصل ولا تضجرن بنون التوكيد الخفيفة فحذفت للضرورة، ولا ناهية، والعطف مثله في قوله تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا).