علي، فقد كان أوقع في خلدي أنكم أرباب! قال: فسجد (عليه السلام) فسمعته يقول في سجوده: راغما لك يا خالقي، داخرا خاضعا، ثم قال: يا فتح، كدت أن تهلك، وما ضر عيسى أن هلك من هلك، إذا شئت رحمك الله.
قال: فخرجت وأنا مسرور بما كشف الله عني من اللبس، فلما كان في المنزل الآخر دخلت عليه، وهو متكئ، وبين يديه حنطة مقلوة يعبث بها، وقد كان أوقع الشيطان لعنه الله في خلدي أنه لا ينبغي أن يأكلوا ولا يشربوا.
فقال: اجلس يا فتح، فإن لنا بالرسل أسوة، كانوا يأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق، وكل جسم متغذي إلا خالق الأجسام الواحد الأحد منشئ الأشياء ومجسم الأجسام، وهو السميع العليم، تبارك الله عما يقول الظالمون وعلا علوا كبيرا، ثم قال: إذا شئت رحمك الله (1).
وكان (عليه السلام) دقيقا في تتبع أصحابه حريصا على إرشادهم إلى الصواب، قال الحسن بن مسعود: دخلت على أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) الهادي وقد نكبت (2) إصبعي، وتلقاني راكب وصدم كتفي، ودخلت في زحمة فخرقوا علي بعض ثيابي فقلت: كفاني الله شرك من يوم، فما أشأمك.
فقال (عليه السلام) لي: يا حسن، هذا وأنت تغشانا! ترمي بذنبك من لا ذنب له.
قال الحسن: فأثاب إلي عقلي، وتبينت خطأي، فقلت: يا مولاي، أستغفر الله.
فقال: يا حسن، ما ذنب الأيام حتى صرتم تتشأمون بها إذا جوزيتم