2 - وروى علي بن عيسى الإربلي عن كمال الدين بن طلحة الشافعي، قال:
إن أبا الحسن (عليه السلام) كان يوما قد خرج من سر من رأى إلى قرية لمهم عرض له، فجاء رجل من الأعراب يطلبه، فقيل له: قد ذهب إلى الموضع الفلاني، فقصده، فلما وصل إليه قال له: ما حاجتك؟ فقال: أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسكين بولاء جدك علي بن أبي طالب، وقد ركبني دين فادح أثقلني حمله، ولم أر من أقصده لقضائه سواك.
فقال له أبو الحسن (عليه السلام): طب نفسا وقر عينا، ثم أنزله، فلما أصبح ذلك اليوم قال له أبو الحسن (عليه السلام): أريد منك حاجة، الله الله أن تخالفني فيها.
فقال الأعرابي: لا أخالفك، فكتب أبو الحسن (عليه السلام) ورقة بخطه معترفا فيها أن عليه للأعرابي مالا عينه فيها يرجح على دينه، وقال: خذ هذا الخط، فإذا وصلت إلى سر من رأى احضر إلي وعندي جماعة فطالبني به، وأغلظ القول علي في ترك إيفائك إياه، الله الله في مخالفتي! فقال: أفعل، وأخذ الخط.
فلما وصل أبو الحسن إلى سر من رأى وحضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة وغيرهم، حضر ذلك الرجل وأخرج الخط وطالبه، وقال كما أوصاه، فألان أبو الحسن (عليه السلام) له القول ورققه، وجعل يعتذر إليه، ووعده بوفائه وطيب نفسه؛ فنقل ذلك إلى الخليفة المتوكل، فأمر أن يحمل إلى أبي الحسن ثلاثون ألف درهم، فلما حملت إليه تركها إلى أن جاء الرجل، فقال: خذ هذا المال فاقض منه دينك، وأنفق الباقي على عيالك وأهلك، واعذرنا.
فقال له الأعرابي: يا بن رسول الله، والله إن أملي كان يقصر عن ثلث هذا، ولكن الله أعلم حيث يجعل رسالاته. وأخذ المال وانصرف، وهذه منقبة من سمعها