علي: فلما دخلت أودعه قال لي: يا علي، إني أوجهك إلى لحمي ودمي، فانظر كيف تكون للقوم، وكيف تعاملهم - يعني آل أبي طالب - فقال: أرجو أن أمتثل أمر أمير المؤمنين إن شاء الله، فقال: إذن تسعد عندي (1).
ولقد روي عن المنتصر أنه كان يخالف على أبيه مناصبته العداء لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) ولأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، ومن ذلك ما رواه ابن الوردي في تأريخه، قال: كان المتوكل شديد البغض لعلي ولأهل بيته، وكان يجالس من اشتهر ببغض علي كابن الجهم الشاسي وأبي السمط، وكان نديمه عبادة المخنث يكبر بطنه بمخدة، ويكشف رأسه وهو أصلع ويرقص ويقول: قد أقبل الأصلع البطين، خليفة المسلمين! يعني عليا (عليه السلام).
فقال له المنتصر يوما: يا أمير المؤمنين، إن عليا ابن عمك، فكل أنت لحمه إذا شئت، ولا تخل مثل هذا الكلب وأمثاله يطمع فيه، فقال المتوكل للمغنين: غنوا:
غار الفتى لابن عمه * رأس الفتى في حر أمه! (2) وقد علل أبو الفرج إحسان المنتصر إلى العلويين وتوزيعه المال عليهم بعد سنين من الحصار الظالم، لأنه كان يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادة مذهبه طعنا عليه، ونصرة لفعله (3)، ومهما يكن الأمر فإن الأيام القليلة التي قضاها المنتصر في الحكم العباسي لم تشر إلى أي بادرة جرت بين الإمام الهادي (عليه السلام) والمنتصر، والشيء المؤكد أنه (عليه السلام) كان مسرورا من الاجراءات التي اتخذها المنتصر إزاء العلويين.