وأره أنصاره وجنده عباديد بعد الألفة، وشتى بعد اجتماع الكلمة، ومقنعي الرؤوس بعد الظهور على الأمة، واشف بزوال أمره القلوب المنقلبة الوجلة والأفئدة اللهفة، والأمة المتحيرة، والبرية الضائعة، وأدل ببواره الحدود المعطلة، والأحكام المهملة، والسنن الدائرة، والمعالم المغيرة، والآيات المحرفة، والمدارس المهجورة، والمحاريب المجفوة، والمساجد المهدومة.
وأشبع به الخماص الساغبة، وارو به اللهوات اللاغبة، والأكباد الظامئة، وأرح به الأقدام المتعبة، واطرقه بليلة لا أخت لها، وساعة لا شفاء منها، وبنكبة لا انتعاش معها، وبعثرة لا إقالة منها، وأبح حريمه، ونغص نعمته، وأره بطشتك الكبرى، ونقمتك المثلى، وقدرتك التي هي فوق كل قدرة، وسلطانك الذي هو أعز من سلطانه، واغلبه لي بقوتك القوية، ومحالك الشديد، وامنعني بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل، وابتله بفقر لا تجبره، وبسوء لا تستره، وكله إلى نفسه في ما يريد، إنك فعال لما تريد.
وأبرئه من حولك وقوتك، وأحوجه إلى حوله وقوته، وأذل مكره بمكرك، وادفع مشيته بمشيتك، وأسقم جسده، وأيتم ولده، وانقص أجله، وخيب أمله، وأدل دولته، وأطل عولته، واجعل شغله في بدنه، ولا تفكه من حزنه، وصير كيده في ضلال، وأمره إلى زوال، ونعمته إلى انتقال، وجده في سفال، وسلطانه في اضمحلال، وعاقبة أمره إلى شر حال، وأمته بغيظه إذا أمته، وأبقه لحزنه إن أبقيته، وقني شره وهمزه ولمزه، وسطوته وعداوته، والمحه لمحة تدمر بها عليه، فإنك أشد بأسا وأشد تنكيلا، والحمد لله رب العالمين (1).