أمره عليك، وتواعدته بعقوبتك، وحذرته سطوتك، وخوفته نقمتك، فظن أن حلمك عنه من ضعف، وحسب أن إملاءك له من عجز، ولم تنهه واحدة عن أخرى، ولا انزجر عن ثانية بأولى، ولكنه تمادى في غيه، وتتابع في ظلمه، ولج في عدوانه، واستشرى في طغيانه، جراءة عليك يا سيدي، وتعرضا لسخطك الذي لا ترده عن القوم الظالمين، وقلة اكتراث ببأسك الذي لا تحبسه عن الباغين.
فها أنا ذا يا سيدي مستضعف في يديه، مستضام تحت سلطانه، مستذل بعقابه، مغلوب مبغي علي مقصود وجل خائف مروع مقهور، قد قل صبري، وضاقت حيلتي، وانغلقت علي المذاهب إلا إليك، وانسدت علي الجهات إلا جهتك، والتبست علي أموري في رفع مكروهه عني، واشتبهت علي الآراء في إزالة ظلمه، وخذلني من استنصرته من عبادك، وأسلمني من تعلقت به من خلقك طرا، واستشرت نصيحي، فأشار علي بالرغبة إليك، واسترشدت دليلي فلم يدلني إلا عليك.
فرجعت إليك يا مولاي صاغرا راغما، مستكينا، عالما أنه لا فرج لي إلا عندك، ولا خلاص لي إلا بك، أنتجز وعدك في نصرتي، وإجابة دعائي، فإنك قلت وقولك الحق الذي لا يرد ولا يبدل: ﴿ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله﴾ (١)، وقلت جل جلالك وتقدمت أسماؤك: ﴿ادعوني أستجب لكم﴾ (2)، وأنا فاعل ما أمرتني، فاستجب لي كما وعدتني.
وإني لأعلم يا سيدي أن لك يوما تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، وأتيقن أن