نفسي: هذا أعجب من الأول، أيخاف ان يلحقنا الشتاء في الطريق حتى يأخذ معه اللبابيد والبرانس!
فخرجت وأنا أستصغر فهمه حتى إذا وصلنا إلى مواضع المناظرة في القبور ارتفعت سحابة، واسودت وأرعدت وأبرقت حتى إذا صارت على رؤوسنا أرسلت بردا من الصخور، وقد شد على نفسه وغلمانه الخفاتين، ولبسوا اللبابيد والبرانس وقال لغلمانه: " ارفعوا إلى يحيى لبادة، وإلى الكاتب برنسا "، وتجمعنا والبرد يأخذنا حتى قتل من أصحابي ثمانين رجلا، وزالت، ورجع الحر كما كان.
فقال لي: " يا يحيى، أنزل من بقي من أصحابك ليدفن من مات، فهكذا يملأ الله هذه البرية قبورا ".
قال: فرميت نفسي عن الدابة واعتذرت إليه، وقبلت ركابه ورجله، وقلت:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنكم خلفاء الله في أرضه، وقد كنت كافرا، وإني الآن أسلمت على يديك يا مولاي.
قال: فتشيعت، ولزمت خدمته إلى أن مضى (1).
قال الشاعر:
ما رعت للنبي فيه بنو العم * ذماما ولم يحوطوا ذمارا أشخصوه مع البريد لسامرا * فلم يلق في سواها قرارا صدقت قوله الشراة وكانوا * جحدوا قول جده إنكارا يوم أردتهم العواصف حتى * ملأ الله في القبور قفارا (2)