494 / 12 - عن يحيى بن هرثمة، قال: دعاني المتوكل وقال:
اختر ثلاثمائة ممن تريد وأخرجوا إلى الكوفة، وخلفوا أثقالكم فيها، وأخرجوا على طريق البادية إلى المدينة، وأحضروا علي بن محمد النقي إلى عندي مكرما " معظما مبجلا.
قال: فقمت وخرجنا، وكان في أصحابي قائد من الشراة (1)، وكان لي كاتب متشيع، وأنا على مذهب الحشوية، وكان ذلك الشاري يناظر الكاتب، وكنت أسمع إلى مناظرتهما لقطع الطريق.
فلما صرنا وسط الطريق قال الشاري للكاتب: أليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب " ليس في الأرض بقعة إلا وهي قبر، أو سيكون قبرا "؟ فانظر إلى هذه البرية أين من يموت فيها حتى يملأها الله قبورا " كما تزعمون؟
قال: فقلت للكاتب: أهذا من قولكم؟ قال: نعم. قلت:
صدق، أين من يموت في هذه البرية العظيمة حتى تمتلئ قبورا "؟
وتضاحكنا ساعة إذ انخذل الكاتب في أيدينا قال: وسرنا حتى دخلنا المدينة، فقصدت بيت أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام، فدخلت عليه فقرأ كتاب المتوكل فقال: " أنزلوا، وليس من جهتي خلاف ".
قال: فلما حضرت إليه من الغد، وكنا في تموز أشد ما يكون من الحر، فإذا بين يديه خياط وهو يقطع من ثياب غلاظ - خفاتين - له ولغلمانه، ثم قال للخياط: " إجمع عليها جماعة من الخياطين، واعمد على الفراغ منها يومك هذا وبكر بها إلي في هذا الوقت ".