يرتحلون برحيلك ويسيرون بسيرك، فالأمر في ذلك إليك، وقد تقدمنا إليه بطاعتك.
فاستخر الله حتى توافي أمير المؤمنين، فما أحد من إخوته وولده وأهل بيته وخاصته ألطف منه منزلة، ولا أحمد له إثرة، ولا هو لهم أنظر، وعليهم أشفق، وبهم أبر، وإليهم أسكن منه إليك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكتب إبراهيم بن العباس في شهر كذا من سنة 243 (1).
فالملاحظ أن المتوكل قد كتب إلى الإمام (عليه السلام) بأسلوب هادئ لين وكأنه يتعاهده بالعطف والكرامة، في الوقت الذي كان يضمر العداوة لآل البيت (عليهم السلام)، ولكل من يتصل بهم بسبب أو نسب، والإمام (عليه السلام) يعلم منه ذلك، كما أنه يعلم أنه لا يتركه في المدينة، فاستجاب لطلبه مرغما، ولقد صرح (عليه السلام) يوما لأبي موسى من أصحابه، حيث قال (عليه السلام): أخرجت إلى سر من رأى كرها، ولو أخرجت عنها أخرجت كرها... الحديث، وقد تقدم آنفا.
ولو كان المتوكل صادقا في ما كتبه في نسخة كتابه إلى الإمام (عليه السلام) لالتزم بالشروط التي تعهد بها في كتابه، ولو أراد إكرام الإمام (عليه السلام) لما جعله في خان الصعاليك، ولما حجب عنه شيعته وأصحابه، ولما فرض عليه الإقامة الجبرية في عاصمة العسكر سامراء.
وسيأتي في رواية الشيخ المفيد (رحمه الله) أن المتوكل لم يأذن للإمام بالدخول إليه في يومه الأول الذي وصل به إلى سامراء، بل أنزله في خان الصعاليك فأقام فيه يومه، وفي اليوم الثاني أذن له بالدخول عليه، ثم أفرد له دارا ليسكن فيها، وليس ذلك