قال فجائت أسماء إلى علي فأخبرته بذلك فاستأجر لهما الأمام (ع) رجلا يقال له الأريقط بن عبد الله الليثي وأرسل معه ثلاثة من الإبل فجاء بهن إلى أسفل الجبل ليلا، قال وسمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم برغاء الإبل فنزل من الغار هو وأبو بكر إليه فعرفاه فعرض عليه النبي صلى الله عليه وآله الإسلام فقبل أسلم وقيل لم يسلم وجعل يقول: شد العرى على المطي وأخرى * وودعا غاركما والحرما وشمرا هديتما وسلما * لله هذا الأمر حقا فأعلما سينصر الله النبي المسلما قال وركب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وركب أبو بكر وركب الدليل وساروا فأخذهم الدليل أسفل مكة ومضى بهما على طريق الساحل، فاتصل الخبر بأبي جهل لعنه الله ثاني يوم، فنادى في أهل مكة فجمعهم فقال أنه بلغني أن محمدا قد مضى نحو يثرب على طريق الساحل ومعه رجلان آخران فأيكم يأتينا بخبره؟
قال: فوثب سراقة بن مالك بن جعثم المدلجي أحد بني كنانة فقال أنا محمد يا أبا الحكم ثم أنه ركب راحلته واستجنب فرسه وأخذ معه عبدا له اسودا كان من الشجعان المشهورين فساروا في اثر النبي (ص) سيرا عنيفا نحو الساحل فلحقا به قال فالتفت أبو بكر فنظر إلى سراقة بن مالك مقبلا فقال يا رسول الله قد دهينا هذا سراقة بن مالك بن أقبل في طلبنا ومعه غلامه الأسود المشهور فلان فلما أبصرهم سراقة نزل عن راحلته وركب فرسه وتناول رمحه وأقبل نحوهم فلما قرب منهم قال النبي (ص) اللهم أكفنا أمر سراقة بما شئت وكيف شئت وأنى شئت قال فساخت قوائم فرسه في الأرض حتى لم يقدر الفرس أن يتحرك قال فلما نظر سراقة إلى ذلك أهاله فرمى بنفسه من الفرس إلى الأرض ورمى برمحه وقال يا محمد أنت آمن وأصحابك فأدع ربك أن يطلق لي جوادي ولك علي عهد وميثاق أن ارجع عنك ولا بأس عليك مني فرفع النبي صلى الله عليه وآله يديه إلى السماء وقال اللهم أن كان صادقا فيما يقول فأطلق له جواده قال فأطلق الله تعالى جواده حتى وقف على الأرض صحيحا سليما، فأخرج سراقة