الثالثة حرب النهروان وهو انه لما عاد أمير المؤمنين (ع) من صفين إلى الكوفة بعد الذي من أمر الحكمين أقام ينتظر انقضاء المدة التي كانت بينه وبين معاوية ليرجع إلى المقاتلة والمحاربة إذ انعزل طائفة من أهل العراق وهم القراء وأصحابهم وكان عدتهم أربعة آلاف نفر وخرجوا من الكوفة وخالفوا أمير المؤمنين (ع) وقالوا لا حكم إلا الله ولا طاعة لمن عصى الله! وانحاز إليهم ما ينوف على ثمانية آلاف رجل ممن يرى رأيهم! فساروا في اثني عشر ألفا حتى نزلوا بحروراء وأمروا عليهم عبد الله بن الكوى!
قال: فبينما هم يخوضون في ضلالهم إذ رأى عصابة منهم رجلا وهو عبد الله بن خباب على حمار فدعوه وانتهروه وأفزعوه وقالوا له: من أنت؟ قال: أنا ابن صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا له أفزعناك؟ قال نعم، قالوا لا روع عليك، حدثنا عن أبيك حديثا سمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تنفعنا به؟ فقال: حدثني أبي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: تكون فتنة يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها بدنه يمسي فيها ويصبح كافرا.
قالوا لهذا الحديث سألناك، فما تقول في أبي بكر وعمر وعثمان؟ قال وما أقول فيهم أساءوا أم أحسنوا، فما تقول في علي قبل التحكيم وبعده؟ قال: انه أعلم بالله منكم وأشد توقيا على دينه وأنفذ بصيرة في أمره، فقالوا انك تتبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها، والله لنقتلنك قتلة ما قتلناه أحدا! فأخذوه وكتفوه ثم أقبلوا به وبامرأته وهي حبلى متم حتى نزلوا تحت نخل مواقير فسقطت رطبة فأخذها أحدهم فتركها في فيه، فقال آخر اخذتها بغير حلها وبغير ثمن فألقاها ثم مر بماء خنزير لأهل الذمة فضربه أحدهم بسيفه، فقالوا هذا فساد في الأرض، فلقي صاحب الخنزير فأرضاه.