أكرموهم وأنزلوهم في دورهم وآووهم ونصروهم وواسوهم فلما علم المشركون بذلك وأنه صار للمسلمين دار هجرة وان أكثر من أسلم قد هاجر إليها شق عليهم ذلك فاجتمع رؤساء قريش بدار الندوة وكانت موضع مشورتهم لينظروا ما يصنعون بالنبي وكانوا عشرة ومنهم: شيبة وعتبة ابني ربيعة وبنية ومنية ابنا الحجاج وأبي وأمية ابني خلف وأبو جهل بن هشام ونضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط. فهؤلاء العشرة اجتمعوا للمشورة فجاءهم إبليس في صورة شيخ نجدي عليه جبة صوف وفي يده عكاز يتوكأ عليه فقال لهم قد بلغني الاجتماع لمشورتكم فأحببت أن أحضركم فيما تعدمون مني رأيا حسنا فأدخلوه معهم وأول من تكلم عتبة بن ربيعة فقال الرأي أن تحبسوا محمدا في بيت مغلق ليس له غير طاقة واحدة يدخل إليه منها طعامه وشرابه وتربصون به ريب المنون قال إبليس ليس هذا برأي فإن له عشيرة فتحملهم الحمية على أن لا يمكنوا من ذلك فتقاتلوا فقالوا صدق الشيخ فقال شيبة بن ربيعة الرأي أن تركبوا محمدا جملا شرودا قد شددتموه بافشاع عليه وتطلقوه نحو البادية فيقع على أعراب حفاة فيكدر عليهم بما يقول فيقتلونه فيكون هلاكه على يد غيركم فتستريحون منه فقال الشيطان لعنه الله بئس الرأي تتعمدون إلى رجل قد أفسد سفهائكم وجهالكم فتخرجون إلى غيركم فيفسدهم ويستتبعهم بعذوبة لفظه وطلاقة لسانه لئن فعلتم ليجمعن الناس عليكم جمعا ويقاتلكم بهم ويخرجكم من دياركم فقالوا صدق الشيخ فقال أبو جهل لأشيرن عليكم برأي لا رأي غيره وهو أن تأخذوا من كل بطن من قريش غلاما وسطا وتدفعوا إلى كل غلام سيفا فيضربوا محمدا ضربة رجل واحد فإذا قتلوه يفرق دمه في القبائل كلها فلا يقدر بنو هاشم على حرب قريش كلها فيرضون بالعقل فتعطونهم عقله وتخلصون منهم فقال إبليس هذا هو الرأي قد صدق فيما قال وأشار به وهو أجود آراءهم فلا تعدلوا عنه فتفرقوا على رأي أبي جهل لعنه الله مجتمعين على قتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأتى جبرئيل إلى النبي وأخبره بذلك وأمره أن لا يبيت في موضعه الذي كان ينام فيه فعند ذلك أخبر عليا (ع) بأمورهم وأمره أن ينام عوضه في مضجعه على فراشه الذي كان ينام فيه وقال له لن يصل إليك منهم أمر تكرهه ووصاه بحفظ ذمته وأداء أمانته ظاهرا على أعين الناس
(٤٢)