أين هذا من راقد في فراش * المصطفى يسمع العدى ويراها فاستدارت به عتات قريش * حيث دارت به رحى بغضاها وأدارت به مكائد سوء * فشفى الله دائها بدواها ورأت قسورا لو اعترضته * الجن والأنس في وغى أفناها مد كف الردى فلو لم تكفكف * عنه اثار غيها لمحاها نظرت نظرة إليه فلاقت * قدرة الله لا يرد قضاها فتولت عنه وللرعب فيها * فلك دائر على أعضاها قال صاحب الفصول نقل المسعودي في شرحه لمقامات الحريري عند ذكره طوق الحمامة في المقامة الأربعين عن أبي مصعب المكي قال أدركت انس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يتحدثون في أمر رسول الله (ص) ليلة الغار فقالوا بعد أن دخل رسول الله الغار ومعه أبو بكر أمر الله سبحانه وتعالى شجرة فنبتت على فم الغار قبالة وجه النبي (ص) وأمر حمامتين وحشيتين فنزلتا بباب الغار وأقبل فتيان قريش من كل بطن بعصيهم وبهراويهم وسيوفهم على عواتقهم حتى إذا كانوا قريبا من الغار ونظروا إلى الحمامتين بباب الغار فرجعوا وقالوا إلا ننظر بالغار غير حمامتين وحشيتين ولو كان به أحد لطارتا فدعا النبي (ص) للحمام بالبركة وفرض خرائهن في قتلهن بالجرم فكن بالحرم آمنات قال وما أحسن قول الفيوتي في تخميسه البردة:
هذا الحمام بباب الغار قد نزلا * والعنكبوت حكت من نسجها حللا فالصاحبان هنا يا قوم ما دخلا * ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسج ولم تحم قال وأقام رسول الله ثلاثة أيام في الغار وقريش يطلبونه فلا يقدرون عليه ولا يدرون أين هو وأسماء بنت أبي بكر تأتيهما ليلا بطعامهما وشرابهما قال فلما كان بعد الأيام الثلاثة أمرها النبي أن تخبر عليا بموضعه وأن تقول له يؤجر لهم دليلا ويأتيهم معه بثلاثة من الإبل بعد مضي النصف من الليلة الآتية.