الباب الثاني في قصة يوم الغدير اعلم أن رواة حديث الغدير جميع الأصحاب والتابعين وتابعي التابعين وهم لا يحصى عددهم وكفاك في خبر بلغ من الشهرة ما بلغ، حتى قال ابن حجر في صواعقه:
وهو مروي من سبعين طريقا وأكثرها صحيح وحسن، وأنهاها بعضهم إلى سبعمائة طريق، وحدثني بعض العلماء أنه رأى كتابا لبعض علماء الهند قد جمع فيه طرق حديث الغدير فكانت ألفا وخمسمائة طريق وترجم رجال الحديث بأسمائهم وأسماء آبائهم مشايخهم وفي بعض التفاسير روى عن جميع الصحابة والتابعين متواترا قوله تعالى: " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فيما بلغت رسالته " نزلت في علي " ع " يوم غدير خم.
أقول: ويؤيد ذلك ما حكى عن تفسير ابن الأثير أنه قرأ ابن مسعود: يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك في علي وإن لم تفعل الآية، وتفصيل ذلك هو ما روي في كتاب روضة الواعظين عن أبي جعفر الباقر قال حج رسول الله من المدينة وقد بلغ جميع الشرايع قومه خلا الحج والولاية فأتاه جبرئيل فقال له يا محمد أن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول أني لم أقبض نبيا من أنبيائي ورسلي إلا بعد إكمال ديني وتكثير حجتي وقد بقى عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج إليه أن تبلغهما قومك فريضة الحج وفريضة الولاية والخليفة من بعدك فأني لم أخل أرضي من حجة ولن أخليها أبدا وأن الله يأمرك أن تبلغ قومك الحج تحج ويحج معك كل من استطاع السبيل من أهل الحضر وأهل الأطراف والأعراب وتعلمهم من حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وتوقفهم من ذلك على أمثال الذين أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرايع فنادى رسول الله (ص) في الناس: ألا أن رسول الله يريد الحج وأن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرايع دينكم ويوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه، وخرج رسول الله وخرج معه الناس وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا