والمحتاجين وأهل البلاد والزمني فان في هذه المنطقة قانعا ومعترا واحفظ لله ما استحفظك من حقه فيهم واجعل لهم قسما من بيت مالك وقسما من غلات صوافي الاسلام في كل بلد.
ومنه: واما بعد هذا فلا تطولن احتجابك من رعيتك فان احتجاب الولاة شعبة من الضيق وقلة علم الأمور والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير ويقبح الحسن ويحسن القبيح ويشاب الحق بالباطل، فإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الحق من الصدق والكذب وانما أنت أحد رجلين اما امرئ سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك في واجب حق تعطيه أو فعل كريم يسد به أو مبتلى بالمنع فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك مع أن كثر حاجات الناس إليك مما لا مؤنة فيه عليك من شكاة مظلمة أو طلب انصاف في معاملة.
ومنه: وإياك والاعجاب بنفسك والثقة بما يعجبك منها، وحب الاطراء فان ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين وإياك والمن على رعيتك باحسانك أو التزيد فيما كان من فعلك أو ان تعدهم فتتبع موعودك بخلفك فان المن يبطل الاحسان والتزيد يذهب بنور الحق والخلف يوجب المقت عند الله والناس، وختم هذا العهد بقوله: وانا اسأل الله بسعة رحمته وعظيم قدرته على اعطاء كل رغبة ان يختم لي ولك بالسعادة والشهادة، إنا إليه راغبون، وختمه " ع " وناوله إياه، ولما تجهز الأشتر (ره) سار قاصدا مصر واتت معاوية عيونه بذلك فعظم عليه وكان قد طمع في مصر فعلم أن الأشتر إن قدمها كان أشد عليه من محمد بن أبي بكر فأقبل يقول لأهل الشام: ان عليا قد وجه بالأشتر إلى مصر فادعوا الله عليه فكانوا يدعون الله عليه كل يوم، وبعث معاوية إلى المقدم على أهل الخراج بالقلزم وقال له: ان الأشتر قد ولي مصرا فان كفيتنيه لم آخذ منك خراجا ما بقيت وبقيت، قيل وكان عبدا أسودا فخرج حتى أتى القلزم وأقام به، ولما بدى موكب الأشتر استقبله ذلك المشوم ورحب به ثم عرض عليه النزول فنزل عنده فأطعمه طعاما