فيه سمك مالح فشرب الأشتر ماء كثيرا فثقل حاله فوصف له العسل وقال إن من أمره كذا وكذا، وأتاه بشربة من عسل قد جعل فيه سما فسقاها إياه فتناول منه شيئا قليلا فما استقر في جوفه حتى تلف رحمه الله، فأتى من كان معه على ذلك الرجل وأصحابه وقتلوهم عن آخرهم، ولما بلغ معاوية خبر موت الأشتر قام خطيبا ثم قال: أما بعد فإنه كان لعلي يمينان فقطعت إحداهما بصفين " يعني عمار بن ياسر "، وقطعت الأخرى اليوم " يعني الأشتر "، ألا ان لله جندا من عسل تقتل أعداءنا.
ولما بلغ أمير المؤمنين " ع " خبر مالك قال: إنا لله وإنا إليه راجعون رحم الله مالكا مالك وما مالك وهل موجود مثل ذلك لو كان من حديد لكان فندا أو من حجر لكان صلدا والله لقد كان لي مالك مثل ما كنت لرسول الله، على مثله فلتبك البواكي، ثم جرت دموعه على خديه حتى ابتلت كريمته الشريفة.
ثم كتب " ع " إلى محمد بن أبي بكر وكان بلغه انه شق عليه عزله بالأشتر:
بسم الله الرحمن الرحيم - من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى محمد بن أبي بكر، أما بعد فقد بلغني موجدتك من تسريح الأشتر إلى عملك واني لم افعل ذلك استبطاء لك في الجهد ولا ازديادا لك في الجد ولو نزعت ما تحت يدك من سلطانك لوليتك ما هو أيسر عليك مؤنة واعجب إليك ولاية ان الرجل الذي كنت وليته أمر مصر كان لنا رجلا ناصحا وعلى عدونا شديدا فرحمه الله فلقد استكمل أيامه ولاقى حمامه ونحن عنه راضون أولاه الله رضوانه وضاعف الثواب له فاصحر لعدوك وأمض على بصيرتك وشمر لحرب من حاربك وادع إلى سبيل ربك بالحكمة وأكثر الاستعانة بالله يكفيك ما أهمك ويعينك على ما نزل بك إن شاء الله.
فلما ورد كتاب أمير المؤمنين " ع " على محمد بن أبي بكر جزع على مالك جزعا شديدا وقال رحم الله مالكا لقد كان سيفنا الذي نسطو به على عدونا، ثم كتب إلى أمير المؤمنين " ع ": بسم الله الرحمن الرحيم إلى عبد الله علي أمير المؤمنين من محمد بن أبي بكر، السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته اما بعد فقد انتهى إلي كتابك وفهمته وليس أحد من الناس أرضى برأي أمير المؤمنين ولا اجهد