محمد بن أبي بكر وعبؤه تبنا وبعث به إلى معاوية. قيل: فكان أول رأس طيف به في الاسلام، ففرح معاوية فرحا شديدا.
وأما أمير المؤمنين " ع " فإنه لما جائه كتاب محمد بن أبي بكر فأجابه عنه ووعده المدد وقام في الناس خطيبا وأخبرهم خبر مصر وقصد عمرو إياها وندبهم وحثهم على ذلك وقال: اخرجوا بنا إلى الجرعة " وهي بين الكوفة والحيرة "، فلما كان الغد خرج (عليه السلام) إلى الجرعة فنزلها بكرة وأقام بها حتى انتصف النهار فلم يأته أحد فرجع، فلما كان العشي استدعى أشراف الناس وهو كئيب فقال: الحمد لله على ما قضى من أمره وقدر من فعله وابتلاني بكم أيتها القرية التي لا تطيع إذا أمرت ولا تجيب إذا دعوت لا أبا لغيركم ما تنتظرون بمصركم والجهاد على حقكم فوالله لئن جاء الموت وليأتيني ليفرقن بيني وبينكم وأنا لصحبتكم قال وبكم غير كثير المدد أنتم اما دين يجمعكم ولا حمية تحميكم! إذا أنتم سمعتم بعدوكم ينتقص بلادكم ويشن الغارة عليكم! أو ليس عجبا ان معاوية يدعو الجفاة الطغاة فيتبعونه على غير عطاء ولا معونة في السنة المرة والمرتين والثلاث إلى أي وجه شاء وانا أدعوكم وأنتم اولي النهي وبقية الناس على العطا والمعونة فتفرقون عني وتعصوني وتختلفون علي! فقام كعب بن مالك الأرحبي وقال: يا أمير المؤمنين اندب الناس، لهذا اليوم كنت أدخر نفسي، ثم قال: أيها الناس اتقوا الله وأجيبوه إمامكم وانصروا دعوته وقاتلوا عدوه وأنا أسير إليه فخرج معه الفان، فقال له " ع ": سر فوالله ما أظنك تدركهم حتى ينقضي أمرهم.
ثم اتى أمير المؤمنين " ع " الخبر بقتل محمد بن أبي بكر وسرور أهل الشام بقتله فقال " ع ": أما ان حزننا عليه بقدر سرورهم لا بل يزيد أضعافا، فأرسل " ع " فأعاد الجيش الذي نفذه، وقام " ع " خطيبا وقال: ألا ان مصر قد افتتحها الفجرة أولوا الجور والظلمة الذين صدوا عن سبيل الله وبغوا الاسلام عوجا، ألا وان محمد بن أبي بكر قد استشهد وقتل فعند الله نحتسبه، ثم استعبر باكيا وقال:
رحم الله محمدا لقد كان ربيبا وكنت أعده ولدا كان لي برا، فعلى مثل محمد نحزن