أحمد عن إبراهيم بن الحسن عن وهب بن حفص عن إسحاق بن حرير قال قال أبو عبد الله:
كان سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد بن أبي بكر وأبو خالد الكابلي من ثقات علي بن الحسين " ع "، ثم قال وكانت أمي ممن آمنت واتقت وأحسنت والله يحب المحسنين، ولما اضطربت أهل مصر بعث إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) محمد بن أبي بكر وعهد إليه عهدا فقال (ع) بعد حمد الله وأمره بالتقوى ووصيته بالرعية: فاخفض لهما جناحك وألن لهم جانبك، وابسط لهم وجهك، وآس بينهم في اللحظة والنظرة، حتى لا يطمع العظماء في خيفتك، ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم، فان الله مسائلكم عباده عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة والظاهرة والمستورة، فان يعذب فأنتم أظلم، وإن يعف فهو أكرم، واعلموا عباد الله ان المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، ثم سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون، وأخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبرون، ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ، والمتجر الرابح، أصابوا لذة الدنيا في دنياهم، وتيقنوا بأنهم جيران الله غدا في آخرتهم، لا ترد لهم دعوة، ولا ينقص لهم نصيب من لذة، فاحذروا عباد الله الموت وقربه، وأعدوا له عدته، فإنه يأتي بأمر عظيم، وخطب جليل، بخير لا يكون معه شرا أبدا، فمن أقرب إلى الجنة من عاملها، ومن أقرب إلى النار من عاملها، وأنتم طرداء الموت، إن أقمتم له أخذكم وإن فررتم منه أدرككم، فاحذروا نارا قعرها بعيد، وحرها شديد، وعذابها جديد، دار ليس فيها رحمة، ولا تسمع فيها دعوة، ولا تفرج فيها كربة، وإن استطعتم أن يشتد خوفكم من الله، وأن يحسن ظنكم به، فاجمعوا بينهما، فان العبد انما يكون حسن ظنه بربه على قدر خوفه من ربه، وان أحسن الناس ظنا بالله أشدهم خوفا لله، واعلم يا محمد بن أبي بكر اني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي أهل مصر فأنت محفوف ان تخالف على نفسك، وأن تناصح عن دينك ولو لم يكن إلا ساعة من الدهر، ولا تسخط الله برضا أحد من خلقه فان في الله خلفا من غيره، وليس من الله خلف في غيره، صل الصلاة