على ما في يده وترك القتال إلى أن يقدم عليه الأشتر، فكتب " ع " للأشتر عهدا قال في أوله: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين مالك بن ابن الحرث الأشتر في عهده إليه حين ولاه مصرا جباة خراجها وجهاد عدوها واستصلاح أمرها وعمارة بلادها، أمره بتقوى الله وإيثار طاعته واتباع ما امر به في كتابه من فرائضه وسننه التي لا يسعد أحد إلا باتباعها ولا يشقى إلا مع جحودها وإضاعتها، وان ينصر الله سبحانه بيده وقلبه ولسانه، فإنه جل اسمه قد تكفل بنصر من نصره واعزاز من أعزه، وأمره أن يكسر نفسه عن الشهوات ويزغها عند الجمحات، فان النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي.
ثم اعلم يا مالك اني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور وان الناس ينظرون في أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك ويقولون فيك ما كنت فيهم، وانما يستدل على الصالحين بما يجري الله على ألسن عباده، فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح فأهلك هواك وشح بنفسك عما لا يحل لك فان الشح بالنفس الانصاف فيها فيما أحببت أو كرهت، واشعر قلبك بالرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ولا تكن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم فإنهم صنفان اما أخ لك في الدين واما نظير لك في الخلق يفرط منهم الزلل وتعرض لهم العلل ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ فاعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب ان يعطيك الله من عفوه وصفحه فإنك فوقهم ووالي الامر عليك فوقك والله فوق من ولاك.
ومنه: ولا تدخلن في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر ولا جبابا يضعفك عن الأمور، ولا حريصا يزين لك الشره بالجود، فان البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله، ان شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا ومن شركهم في الآثام فلا يكونن لك بطانة فإنهم أعوان الأئمة واخوان الظلمة وأنت واجد منهم خير الخلف.
ومنه: ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم، والمساكين