كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ٨٨
العنوان واتيان الفعل من حيث كونه بذلك العنوان فهى مقدمة مع قطع النظر عن الامر فيؤمر به أمرا غيريا ولما كان ذلك العنوان مجهولا لا يمكن القصد إليه وجب القصد إليه اجمالا باتيان ذلك الفعل لأجل إرادة الشارع فان ارادته وأمره به من حيث ذلك العنوان فالقصد إلى موافقة أمر الشارع قصد اجمالي إلى ذلك العنوان واما حصول التقرب للفاعل فاعتبار رجحانه الذاتي الذي لولا الوجوب الغيري لكان مستحبا نفسيا بل هو كذلك مع الوجوب الغيري عند بعض والقول بان الوجب الغيري لا يصير منشأ للتقرب والاستحباب فعلا غير موجود حتى بتقرب بامتثاله لأن المفروض ايقاع الفعل لوجوبه مدفوع بمنع عدم حصول التقرب بالواجب الغيري إذا كان في نفسه عبادة مطلوبة ندبا نظير الصوم الذي يجب مقدمة للاعتكاف المنذور غاية الأمر عدم زيادة ثوابه لأجل هذا الوجوب فإنه لا يوجب الثواب ولا يزيله لكن يبقى الاشكال في التيمم بناء على عدم رجحانه في نفسه فلا منشأ لحصول التقرب فيه فتأمل (الثاني) ان الفعل في نفس ليس مقدمة فعلية وانما هو يصير مقدمة إذا اتى به على وجه العبادة فإذا أراد الشارع الصلاة المتوقفة على تلك المقدمة الموقوفة مقدميها على الامر وجب الامر به مع نصب الدلالة على وجوب الاتيان به على وجه العبادة بناء على أن وجوب قصد التعبد في الأوامر انما فهم من الخارج لا من نفس الامر فهذا الامر محقق لمقدميته مغن عن أمرا اخر به بعد صيرورته مقدمة والمسألة محتاجة إلى التأمل الثاني حكى في الحدائق عن بعض متأخري المتأخرين ان من ليس من نيته فعل الصلاة بعد الوضوء لا يجوز له الوضوء ولو فعله كان باطلا بل لو كان من نيته فعل الصلاة ولم يفعلها تبين بطلانه انتهى أقول الكلام هنا في مقامات الأول جواز الوضوء بنية الوجوب وعدمه لمن لم يرد فعل الفريضة الثاني جواز الوضوء له مطلقا الثالث انه لو نواها ولم يفعلها فهل ينكشف بذلك بطلان الوضوء أم لا (إما المقام) الأول فصريح كلام جماعة عدم الاعتبار منهم العلامة في جملة من كتبه كالتذكرة والمنتهى والنهاية والقواعد حيث ذكر ان من ليس عليه واجب فنوى بالوضوء الوجوب وصلى به إعادة الصلاة فان تعددتا يعنى الصلاة والطهارة مع تخلل الحدث أعاد الأولى انتهى فان صحة نية الوجوب من دون التفات إلى اشتغال ذمته بواجب يقتضى صحته مع الالتفات وان لم يرد الفعل بطريق أولي وقد حكى هذا عن ولده فخر الدين قده بل قيل إنه هو الذي نبه والده على ذلك بعد أن افتى بوجوب إعادة الكل نعم ناقشها جامع المقاصد و غيره في صحة نية الوجوب مع عدم اعتقاده بل اعتقاد عدمه لكن هذا أجنبي عما نحن فيه وهو أيضا صريح الذكرى قال فيها من عليه موجب ينوى الوجوب في طهارته ما دام كذلك فلو نوى الندب عمدا أو غلطا بنى على اعتبار الوجه والحدث يرتفع وان لم يقصد ما عليه من الواجب لان وجوب الوضوء مستقر هنا عند سببه انتهى بل هو ظاهر الشهيد الثاني وجماعة ممن تأخر عنه بل نسب إلى المشهور من أن الوضوء في وقت اشتغال الذمة بالواجب لا يكون الا واجبا وعلل ذلك كاشف اللثام بأنه لما اشتغلت ذمته بواجب مشروط وجب عليه وإن كانت موسعه فكيف ينوى بها الندب وإن كان بقصد ايقاع ندب مشروط فأين معنى الندب انه لا يجب عليه مع أنه وجب وليس هذا كمن عليه واجب فيصلى ندبا ان جوزناه لشافي الصلاتين انتهى لكن يحتمل ان يريدوا من هذا الكلام مجرد عدم ندب الوضوء في حق من اشتغلت ذمته بواجب مشروط به لا جواز نية الوجوب وان لم يرد الاتيان بذلك المشروط فلعلهم مانعون من الوضوء مطلقا لمن لم يرد فعل الواجب كما هو ظاهر ما حكاه صاحب الحدائق فيما تقدم فتأمل وممن صرح بعدم الاعتبار قصد الصلاة في صحة فعل الوضوء الواجب صاحب الحدايق الا ان بعض كلامه ربما يشعر بأنه أخطاء محل الكلام فإنه بعد ما حكى عن بعض ان من لم يكن من نيته فعل الصلاة بعد الوضوء لم يجز له الوضوء ولو فعله كان باطلا وحكى عن الأصحاب ما يناسب هذا القول وما ينافيه نسب هذا القول إلى الضعف و القصور مستندا إلى عدم الدليل عليه قال لا يخفى ان الواجب هو الوضوء والصلاة والآتيان بأحد الواجبين وان لم يأت بالآخر بعده غير مضر بصحته فمن أين لا يجوز له الوضوء وهو مخاطب به وواجب عليه غايته انه يجب عليه الصلاة معه ولكن وجوب الصلاة موسع عليه وحينئذ فلو توضأ أول الوقت لأجل الصلاة في اخره فلا مانع من صحته انتهى ولا يخفى انه لم ينكر أحد صحته الوضوء في أول الوقت لأجل ان يصلى في اخره ولا يقبل الانكار وانما الكلام في أن من لم يرد الصلاة الا بوضوء اخر بعد نقض هذا الوضوء كمن أراد الوضوء في أول الوقت لقرائة القران وهو قاصد إلى النوم بعد القراءة ثم القيام إلى الصلاة فان الامتثال بالواجب الغيري والآتيان به لأجل الشارع توصلا إلى إباحة الصلاة مع عدم قصد التوصل به إلى الغير بل لغرض اخر لا يعد إطاعة وموافقة لذلك الامر ولا يصلح لا يكون هذا الفعل إطاعة لذلك الامر الغيري الا ترى انه إذا أمر المولى بتحصيل المال لأجل شراء اللحم، الواجب عليه فحصل العبد المال لغرض اخر لا دخل له بشراء اللحم لو يعد تحصيله هذا بداعي أمر المولى ولم يمكن ان ينبعث عنه وهذا ما قويناه أولا وإن كان مؤداه مغايرا لاطلاق ما تقدم حكايته في كلام صاحب الحدائق كما لا يخلو عن قوة الا ان يقال بملاحظة ما ذكرنا سابقا ان قصد التقرب في الوضوء انما هو باعتبار رجحانه الذاتي لا باعتبار وجوبه المقدمي فإذا لم يكن هذا الوجوب داعيا إليه لم يقدح ذلك في صحته واتصافه بالوجوب نعم الوجوب يكون ملحوظا فيه على وجه التوصيف لا العلة الغائية فتأمل فما ذكر الأكثر كما عرفت لا يخلو عن وجه وربما استظهر بعض من عاصرناه من كلمات الأصحاب في تقسيم الوضوء إلى واجب ومندوب وجعل الواجب ما كان لصلاة
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263