وقوله (ع) لا عمل الا بالنية وقوله لكل امرى ما نوى فان ظاهر الكل اعتبار النية في كل جزء من العمل خصوصا مع عده عملا كما في مجموع الأجزاء الواجبة من الوضوء فإنه عمل قطعا فيعتبر تلبسه بالنية ولا يكون متلبسا بها فعلا إذا قدمت عند غسل البدن الا إذا جعلنا النية أعم من الامر المركوز الذي لا ينافيه الغفلة والذهول التفصيلي ومن هنا اعترفوا بان مقتضى الدليل اعتبار استمرار النية فعلا إلى اخر العمل لعدم اختصاص اعتبار النية بالجزء الأول الا ان تعذر ذلك أوجبت الاكتفاء بالاستمرار الحكمي الآتي تفسيره قال الشهيد قده في قواعده قضيته الأصل استحضار النية فعلا في كل جزء من اجزاء العبادة لقيام دليل الكل في الأجزاء لأنها عبادة ولكن لما تعذر ذلك في العبادة البعيدة المسافة وتفسر في القرينة اكتفى في بالاستمرار الحكمي انتهى ولولا اعترافهم بذلك أمكن ان يوجه اكتفائهم بالاستمرار الحكمي بان لفظ النية في الأدلة المذكورة كلفظ الإرادة والقصد ظاهر في القصد الا ان مقتضاها تلبس الفعل بالنية ويكفى في ذلك كون العمل عن نية ولا يعتبر وجودها في كل جزء منه ولكن هذا لا ينفعهم فيما ذكرنا عليهم إذا اللازم حينئذ الاكتفاء بتقدم النية عند مقدمات العمل الخارجة عنه كاحضار الماء واخذ الإبريق للصب إذ يصدق معه أيضا كون الوضوء عن نية ثم إنهم اختلفوا في جزئية النية وشرطيتها وذكروا لكل منها وجها لا أظنها تامة في المطلوب والأقوى عقلا ونقلا كونها شرطا إما العقل فلحكمه بتوقف الفعل عليها لا تركبه منها ومن غيرها واما النقل فلأنهم عرفوا النية كما تقدم سابقا بالإرادة المقارنة للعمل الا ان يقال إنه لا خلاف في خروج النية عن حقيقة المنوي وانما الخلاف في العمل الشرعي المعدود من العبادات هل هو الفعل مع نيته أو بشرط كونه منويا لكن المتعين مع ذلك كونها شرطا لقوله صلى الله عليه وآله تحريمها التكبيرة وقوله افتتاحها التكبير واما قوله (ع) لاعمل الأبنية ونحوه فيحتمل كونه من قبيل لا صلاة الا بطهور وقوله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب والثمرة يظهر في اشتراطها بشروط الصلاة مثل الطهارة والستر والاستقبال والقيام ورده الشهيد بان المقارنة المعتبرة فيها للتكبير ينفى هذه وفيه ان المقارنة لا يوجب الاعتبار هذه الأمور في الجزء الأخير منها دون مجموعها الا ان يقال إن النية هي القصد البسيط المتأخر في الوجود عن تصور المقصود فهى غير قابلة لان يختلف مع كون أول التكبير في القيام والاستقبال فضلا عن الطهارة والستر هذا كله على مذهب المشهور واما على ما اختاره المتأخرون فلا اشكال في كونها شرطا هذا حقيقة النية البسيطة في نفسها (و) إما كيفيتها باعتبار المنوي فهى (ان ينوى ايقاع الفعل المتصور له ولو اجمالا بجميع قيوده المشخصة له التي لها دخل في تعلق الامر به لأجل الغاية التي بها يكون العبادة عبادة مأمورا بها والحاجة إلى تصور الفعل بجميع القيود المذكورة لتصحيح كون تلك الغاية داعية إلى الايقاع إذ لو لم يتصوره بجميع تلك القيود لم يتصور كونه مأمورا به لان المتصور (المصباح) غير المأمور به فلا يتصور كون الداعي إليه تلك الغاية لأنها لا تدعو إلى غير ما يترتب عليه والخلاف هنا في مقامين (أحدهما) في وجوب ملاحظة بعض القيود المشخصة للفعل الثاني في اعتبار ملاحظة (الوجوب أو الندب) أو وجههما في الغاية بان يوقع الفعل لأجل وجوبه أو ندبه قربة إلى الله تعالى إما المقام الأول فتوضيحه ان القيود المأخوذة في متعلق الأمر على أقسام (أحدها) ما يكون محققا لنفس العنوان المأمور به كما لو كلف بقضاء صلاة نيابة عن زيد فان قصد كون الصلاة عنه مقوم لنفس الموضوع لان الموضوع حقيقة هي النيابة عن زيد في تدارك ما فات والفعل بدون قصد النيابة لا يكون نيابة ونحوه الامر بضرب اليتيم تأديبا فان الموضوع حقيقة هذا التأديب فلو قصد التشفي أو مجرد الايلام كان ظلما ولا كلام في وجوب قصد مثل هذا القيد (الثاني) ما يكون مميزا له عن فرد اخر من العنوان كتقييد الظهرية في قوله صل صلاة الظهر وهذا على قسمين لان ذلك المميز إما ما خوذ قيدا للعنوان في الأدلة الشرعية كقوله صل صلاة الظهر وقوله صل نافلة الفجر و كغسلي الجنابة والجمعة وغير ذلك واما ان لا يكون كذلك كما إذا أمر وجوبا بصوم يوم فان صوم يوم يعلم أنه في نفسه غير متصف بالوجوب والا لوجب صوم كل يوم بل لخصوصية ملحوظة فيه مفقودة في الزائد عليه والأول على قسمين أحدهما ان يكون الفرد الآخر مأمورا به بالفعل كما إذا كان عليه صلاة مندوبة أو منذورة متحدة مع صلاة الظهر (والثاني) ان يكون الفرد الآخر غير مأمور به بالنسبة إلى المخاطب كما إذا لم يكن عليه الا صلاة الظهر (إما) الأول من القسم الأول فالظاهر الاتفاق على وجوب تعيينه بالقيد المأخوذ فيه إذ بدون ملاحظة القيد لا يقع امتثلا لشئ من الامرين لان الموضوع في كل منهما عنوان مقيد هذا مضافا إلى ما سيجئ في القسم الثاني وهو ما إذا لم يكن الفرد الآخر مأمورا به بالفعل كما إذا لم يكن عليه الا صلاة الظهر فان الظاهر فيه أيضا عدم كفاية القصد إلى مطلق الصلاة كما هو المعروف ولم ينقل فيه خلاف حتى من العامة لان مطلق الصلاة ليس موضوعا للوجوب لأنها قد يقع مندوبة ولو بالنسبة إلى غير هذا المكلف أو بالنسبة إليه في غير هذا الوقت فالوجوب حقيقة معلق بالصلاة المقيدة التي هي المشتملة على المصلحة الوجوبية دون غيرها فهى المأمور بها وهي التي تدعوا الغاية الحاصلة من فعل المأمور به إلى فعلها دون فعل مطلق الصلاة ومما ذكرنا يندفع توهم ان المحوج إلى قصد القيد هو اشتراك العنوان بين فردين مأمور بهما فعلا ليتميز امتثال أحد الامرين عن الأخر كما في القسم الأول إما إذا لم يكن عليه الا صلاة واحدة فلا حاجة إلى المميز وحاصل الدفع ان المحوج إلى المميز هو لزوم تصور الفعل على الوجه الذي صار
(٨٢)