كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ٨٧
نية (رفع الحدث) كما عن بعض كتب الشيخ أو يجب نية (استباحة الصلاة) أو غيرهما مما اشتراط بالطهارة كما هو ظاهر اللمعة تبعا للمحكى في غاية المراد عن السيد أو أحدهما كما في المبسوط وموضع من الوسيلة والسرائر مدعيا اجماعنا والمعتبر وأكثر كتب العلامة والشهيد وفخر الدين في رسالة النية وغيرهم أو كلاهما كما هو ظاهر الكافي والغنية وموضع اخر من الوسيلة وحكى عن الاصباح والرازي والمصري والقاضي أو لا يجب شئ منهما كما هو ظاهر النهاية والمحكى عن البشرى أقوال (والأظهر) منها عند المصنف قده الأخير (وانه لا يجب شئ) منهما وعليه جماعة من متأخري المتأخرين للاتفاق على أنه لا يجب ان ينوى في الفعل ما عدا مشخصاته وغايته ولا شئ منهما غاية له ولا مشخصا لأنهما اثران مترتبان على ايقاع الوضوء بقيوده المشخصة لغاية القربة فالرفع والإباحة من احكام امتثال الامر بالوضوء واتيانه على الوجه الذي أمر به لا من الوجوه التي يقع الوضوء عليها حتى يجب اخذه قيدا للفعل المقيد به قربة إلى الله فالوضوء المعين المأتي به قربة إلى الله رافع للحدث ومبيح للصلاة لا ان الوضوء المعين الرافع للحدث أو المبيح للصلاة مأتى به قربة إلى الله كيف ولو كان الفعل المعين في نفسه رافعا للحدث أو مبيحا للصلاة لم يشترط في صحة الوضوء قصد القربة لان رفع الحدث حينئذ كرفع الخبث يكفي في سقوط الامر مجرد وجوده في الخارج بأي غاية كان ومن هنا يظهر فساد الاستدلال على اعتبار أحدها بما دل على وجوب الوضوء من حيث كونه طهورا مثل قوله إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور فيجب قصد العنوان المأمور به لعدم تحقق الامتثال بدونه بل عرفت سابقا وجوب قصد قيود العنوان فلا بد ان يقصد إلى هذه الأفعال بعنوان حصول الطهارة ورفع الحدث بها توضيح الفساد انه لو فرض الامر متعلقا بعنوان التطهير أعني رفع الحدث أو استباحة الصلاة كان ذلك الامر توصليا قطعا إذ لا يقصد منه عدا حصول التطهير في الخارج ولو لم يقصده ولم يشعر به إذ بعد حصوله على أي وجه يسقط الامر جزما فالمأمور به بالامر التعبدي المدخل له في العبادات المعتبر فيها قصد القربة هي الافعال التي تصير سببا لحصول التطهر في الخارج بعد اتيانها في الخارج منويا بها بعد تعينها بجميع مشخصاتها التقرب إلى الله تعالى ونظير الامر بالتطهر كل أمر يعنون بعنوان مترتب على عبادة كأوامر الإطاعة وما في معناها كقول الامر ابرء ذمتك مما عليك فان هذه كلها أوامر توصلية لم يعتبر لغرض التعبد بمضمونها وانما أريد حصول مضمونها في الخارج فتحصل مما ذكرنا ان الفعل المأمور به على جهة التعبد لم يؤخذ فيه رفع الحدث و الذي اخذ فيه رفع الحدث لم يؤمر به على جهة العبادة ومن هنا أيضا يظهره ضعف ما استدل به في المعتبر والمنتهى وغيرهما على اعتبار الاستباحة التي يتحقق تارة برفع المانع وهو الحدث واخرى برفع منعه كما في المستحاضة والسلس ونحوهما بقوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم قالوا إن الظاهر منه كون ذلك لأجل الصلاة كما يقال إذا لقيت الأسد فخذ سلاحك وإذا لقيت الأمير فخذ أهبتك فلا بد من ايقاع الافعال لأجل الصلاة أي اباحتها وجه الضعف انه لا يفهم هذا التعليل في الآية كالأمثلة الا من تعليق وجوب الفعل على إرادة القيام إلى الصلاة إذ لا وجه لوجوب الفعل عند إرادة ذلك الفعل الا توقف ذلك المراد على ذلك الفعل لان إرادة الشئ لا يكون سببا المطلوبية فعل قبله الا لارتباط بينهما ومن المعلوم ان الذي يتوقف عليه الصلاة هو ايقاع هذه الأفعال المشخصة بجميع قيودها لغاية الاخلاص فكأنه قال والله العالم إذا أردتم القيام وجب عليكم من أجل الصلاة هذه الأفعال مع النية المشتملة على المميزات والغاية وبعبارة أخرى يجب عليكم لأجل الصلاة الوضوء بجميع شرائطها لا انه يجب عليكم هذه الأفعال المقيدة بقيد انها الصلاة على أن يكون قصد كونه للصلاة من مشخصات الفعل لان هذا مما لا يقتضيه سببية الشرط للجزاء ولا مقتضى لإرادته من الكلام غير قضية السببية واضعف من الكل الاستدلال على ذلك بقوله صلى الله عليه وآله انما لكل امرئ ما نوى فإذا لم ينو رفع الحدث لم يقع والا كان له ما لم ينو وجه الضعف ان معنى قوله صلى الله عليه وآله ان له ما نوى أي يرجع فائدته إليه وفائدة هذه الأفعال المنوية هي الطهارة ورفع الحدث والفائدة لا يحتاج إلى نية الا ترى انه إذا نوى استباحة الصلاة يباح له غيرها مما يشترط فيه الطهارة ويكمل له ما يشترط في كماله وان لم يخطر بباله بقى في نية الوضوء امرؤ لابد من التنبيه عليها (الأول) مقتضى ما ذكرنا كون الطهارة يعنى الرفع والاستباحة متفرعة على تحقق الوضوء على وجه العبادة والمرفوض انه لا يكون عبادة الا بعد الامر ليتمكن فيه قصد موافقة إرادة الشارع ولا أمر بالوضوء لأجل الصلاة الا على وجه الوجوب المختص بالمقدمات حيث إن رفع المانع وهو الحدث أحد المقدمات فتحقق الامر الغيري يتوقف على كونه مقدمة ومقدميته بمعنى رفعه للمانع متوقفه على اتيانه على وجه العبادة المتوقفة على الامر به فيلزم الدور وبعبارة أخرى ايجاب الوضوء لأجل الصلاة يتوقف على كون الوضوء في نفسه مقدمة لها وهو مناف لما التزمنا من أن رفع الحدث لاذى باعتباره صار الوضوء مقدمة من احكام الاتيان بالوضوء امتثالا للامر فلا بد إما من التزام أمر اخر غير الوجوب الغيري فيكون امتثاله محصلا لمقدمية الوضوء فتجب من حيث المقدمية بالوجوب الغير واما من التزام كون الرفع ملحوظا في الوضوء قبل الامر الغيري فيصير منشأ له لكن الأول خلاف الفرض والثاني مستلزم لعدم اعتبار القربة في الوضوء من جهة توقف رفع الحدث عليها بل كان رفع الحدث كرفع الخبث من لوازم الفعل وهو مخالف للاجماع يمكن رفع الاشكال بوجهين أحدهما ان الوضوء في نفسه له عنوان واقعي راجح في ذاته رافع للحدث بشرط القصد إلى ذلك
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263