ان الأغسال المجتمعة إما واجبة أو مندوبة أو مختلفة فيها فهنا مسائل الأولى ان يجتمع أسباب وجوب الغسل وله صور الأولى ان ينوى الجميع والظاهر دلالة الأخبار المذكورة على التداخل فيها بل هو المتيقن من مدلولها كما ستعرف والظاهر أنه موضع وفاق كما مر عن شرح الدروس نعم ربما يتوهم الخلاف ممن اعتبر في تداخل الأغسال التي أحدها الجنابة نية الجنابة كما في السرائر لكن الظاهر أنه أراد منه الجنابة لا بشرط في مقابل نية خصوص غيرها لا نية الجنابة بشرط عدم نية الغير الصورة الثانية ان ينوى رفع الحدث أعني ما في المكلف من الحالة المانعة عن الدخول في المشروط بالطهارة والظاهر أنه لا خلاف في التداخل فيه أيضا كما في شرح الجعفرية لان مرجعها إلى الصورة الأولى الصورة الثالثة ان ينوى خصوص غسل الجنابة والمشهور الاجتزاء به عما عداه بل صريح السرائر وجامع المقاصد الاجماع عليه وفى شرح الجعفرية عدم الخلاف فيه وكذا في شرح الموجز رادا بذلك على من حكى قولا بعدم الاجتزاء به من غسل استحاضة ولعل في هذه الاجتماعات كفاية وربما يستدل عليه بالاخبار المتقدمة أيضا ولا يخلو عن نظر لأن الظاهر منها نية الجميع كما لا يخفى نعم ربما كان في مرسلة جميل إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزئه غسله ذلك عن كل غسل يلزم عليه في ذلك اليوم ظهور في كون الرافع من الجنب غسل الجنابة واستدل جامع المقاصد عليه مضاف إلى الاخبار والاجماع بان الحدث الذي هو عبارة عن النجاسة الحكمية متحد وان تعدد أسبابه فإذا نوى ارتفاعه بالسبب الأقوى بالإضافة إلى غيره وهو استدلال حسن بناء على جعل الأسباب كأسباب الحدث الأصغر ولا يحتاج معه إلى دعوى الإقوائية والا ضعيفة مع كونها في محل المنع واستدل شارح الدروس عليه بصدق الامتثال عرفا قال لأنه إذا طلب شئ من أحد ثم اتى بذلك المطلوب وان لم يكن اتيانه من جهة ذلك الطلب لم يسغ في العرف ان يقال معترضا عليه انك لم تأتى بذلك المطلوب خصوصا إذا كان اتيانه من جهة طلب اخر من ذلك الطالب كما فيما نحن فيه نعم القدر المسلم على تقدير تماميته انه لابد من الاتيان في الأوامر الإلهية التي من قبيل العبادات بالمأمور به متقربا إلى الله فالمأمور به في الحقيقة امتثال الطبيعة المقيدة بكونه على وجه الاخلاص والتقرب ولا شك ان الاتيان بالمطلوب فيما نحن فيه في المتقرب ولا نسلم انه يلزم ان يكون المنظور ذلك الطلب بخصوصه ثم اورد على نفسه بمنافات ذلك لما ورد من الأعمال بالنيات وان لكل امرئ ما نوى وأجاب بعد المنع عن دلالتهما على أن غير المنوي لا يحصل له بأنه يمكن ان يقال فيما نحن فيه لا نسلم انه لم ينو في الفرض المذكور امتثال أمر مما عدا الجنابة لان الامتثال كما عرفت يحصل باتيان الفعل مع الاخلاص فعند قصد ذلك الفعل يقصد الامتثال أيضا ضمنا ولا نسلم ظهور الروايات في اعتبار القصد الصريح ثم قال فان قلت مع حصول الامتثال وسقوط الذم والعقاب وعدم بقاء توجه التكليف فهل يحصل الثواب والاجر على ذلك الفعل قلت الظاهر على قاعدة التحسين والتقبيح العقليين كما هو الحق استحقاق مدح وثواب على ذلك الفعل لان الفعل لابد ان يكون له في نفسه حسن حتى يؤمر به وحسنه لا بد ان لا يكون مشروطا بشئ والا لأمر بذلك الشرط أيضا غاية الأمر تسليم اشتراط ذلك الامر بالقربة واما اشتراط ان يكون الاتيان بخصوص ذلك الامر فلا فلابد ان يحصل للمكلف ما يترتب على ذلك الفعل من المنافع الدنيوية أو الأخروية نعم لا نأبى من أن يكون الاتيان بقصد ذلك الامر بخصوصه حسنا لحكم العقل به ظاهرا وقد فاته ذلك الحسن ثم استدل على المطلب بعموم الروايات المتقدمة ثم قال ما ملخصه انه لولا الدليل الأول المثبت لكفاية الفعل الواحد لامتثال جميع الأوامر أشكل التمسك بالروايات لكونها معارضة بأدلة وجوب غسل الحيض الدالة على وجوب امتثالها فيدور الامر بين تقييدها بغير صورة اتيان غسل الجنابة وتقييد هذه الروايات بصورة نية الجميع والثاني أولي لكثرة المعارضات وأرجحية سندها مع أن ظاهر روايات الكفاية بقاء وجوب الأغسال وكفاية غسل واحد لها لا سقوط بعضها وكذا لو شككنا في تحقق امتثال الجميع للشك المصباح في تخصيص أدلة وجوب غسل الحيض انتهى موضع الحاجة ملخصا أقول ما ذكره قدس سره أضعف ما ذكره المحقق الثاني قده لأنه إذا ثبت تعدد التكليف والمكلف به كما حققنا سابقا واعترف هذا المحقق في اخر كلامه وفيما قبله من كون امتثال أمر غسل ما عدا الجنابة حسنا بالاستقلال وان لذلك الغسل حسنا مستقلا وعلم من العقل واعرف ان الامتثال لأمر يجب امتثاله لا يتحقق الا مع قصد عنوان المأمور به واتيانه للامر به فكيف يعقل ان يكون امتثال أحد الامرين امتثالا للامر الأخر وان لم يقصده ولا التفت إلى متعلقه وهل يكون ذلك الا مع رفع اليد عن تعدد المكلف به والالتزام كون الأوامر المتعددة راجعة إلى فعل واحد ومع دعوى عدم اعتبار القصد إلى الامر والمأمور به في تحقق الامتثال والأول خلاف الفرض والثاني خلاف العقل والنقل كما لا يخفى واضعف من هذا ما فرعه على قاعدة التحسين والتقبيح من المدح والثواب على الفعل الغير المقصود فان القاعدة المذكورة مع تسليم دلالتها على اعتبار ثبوت الحسن في المأمور به وعدم كفاية وجود الحسن في نفس التكليف ان المتصف بالحسن والقبح لا يكون الا العنوان المقصود الملتفت إليه دون العنوان المتحقق في ضمن عنوان مقصود من دون التفات فان اكرام زيد إذا لم يلتفت الفاعل تصحبه لاكرام عمرو ولم يقصده لا يترتب عليه مدح ولا ذم بل لو تحقق فإنما يتحقق من غير اختيار فلا يتصف بالحسن والقبح أصلا واما ما ذكره أخيرا من أنه لولا دليل الامتثال أشكل التمسك بالروايات من جهة المعارضة ففيه انا في سعة من هذه المعارضة بدعوى ظهور الاخبار في نية الجميع فتكون هذه الأخبار حاكمة على أصالة عدم التداخل كاشفة عن كون الأغسال المتعددة قابلة للتصادق في فعل واحد نعم لو عممناه لصورة نية البعض لظهور أدلة الأغسال
(١٠٢)