الفاعل وفى خصوص ذلك الزمان تصور له بعنوان وصف الوجوب لان ملاحظة خصوص صنف الفاعل ككونه بالغ غير مؤد للفرض انما هو من أدلة وجوب الفعل على البالغ وندبه على غيره فهو مسبوق بملاحظة وجوب الفعل أو ندبه ولو لم يتصوره من حيث صدوره عن خصوص الفاعل لم يتصور الموضوع هذا ولكنك خبير بان غاية ما ثبت من هذا الوجه مضافا إلى انتقاضة بصوم اليوم الذي هو من رمضان الذي عرفت اكتفائهم فيه بمجرد القربة مع أنه يقع أيضا مستحبا من الصبى والشاك في الهلال وحراما من الحايض والمسافر وجوب القصد إلى العنوان المذكور في الخطاب بوصف انه مطلوب بهذا الطلب الشخصي ليكون قصد هذا الوصف المعرف للخصوصيات المأخوذة في وضوئه المميزة له عن الفرد المستحب بمنزلة قصدها ما توصيفه بخصوص الوجوب أو الندب فلا بل لو قصد خصوص أحدهما بحضور جنس الطلب لكون المكلف عالما بالوجوه التفصيلي ذاكرا له فهو والا كفى في احراز موضوع المأمور به توصيفه بالطلب الشخصي الموجد واقعا وهذا المقدار لا يفي بما ادعوه في هذا المقام من وجوب استحضار وصف الوجوب أو الندب ولو لم يحضر الا باعمال روية ووجوب استعلامه بالاجتهاد أو التقليد كما صرح به العلامة قده في غير واحد من كتبه وهو ظاهر غيره ممن اطلق وجوب قصد الوجه الظاهر في وجوبه المطلق المستلزم لوجوب معرفته من باب المقدمة بل صرحوا بوجوب الجزم في جميع مشخصات النية فلا يجزى التردد بين الواجب والندب ومما ذكرنا يظهر انه لو نوى الوجوب في المندوب جهلا وبالعكس صح العمل لان المقصود الأصلي اتيان الفعل من حيث إنه مطلوب للمولى بالطلب الثابت له واقعا الا انه اعتقد ذلك الطلب على خلاف ما هو عليه فهو كمن قصد الاقتداء بالشخص الحاضر من حيث هو حاضر الا انه اعتقده زيدا فبان عمرو أو أولي بالصحة ما لو نوى الندب مع الشك في دخول الوقت والوجوب مع الشك في خروجه لأجل الاستصحاب فبان الخلاف لوجود الامر الشرعي في الظاهر بخلاف المصورة السابقة وصرح في التذكرة بوجوب الإعادة مع التمكن من تحصيل الظن وكذا لو نوى الوجوب أو الندب في الثاني عملا بالظن فظهر الخطاء فصرح بالإعادة مع التمكن من العلم ولعلهما مبنيان على عدم جواز الاعتماد على الاستصحاب مع التمكن من الظن وعدم جواز العمل بالظن مع التمكن من العلم والأخير حسن والأول محل تأمل وغاية ما يوجه ان جواز العمل بالاستصحاب لا ينافي الإعادة لتقصيره في الفحص كما في الصائم المستصحب الليل وفيه ما فيه هذا مع الجهل بالحكم إما لو تعمدا نية الخلاف فالأولى البطلان لكونه تشريعا وما عن المحقق قده من أن الاخلال بنية الوجوب ليس مؤثرا في بطلان الوضوء ولا اضافتها مضرة وما يقوله المتكلمون من أن الإرادة تؤثر في حسن الفعل وقبحه فإذا نوى الوجوب والوضوء مندوب فقد قصد ايقاع الفعل على غير وجهه كلام شعري ولو كان له حقيقة لكان الناوي بخطاء في نيته ولم يكن النية مخرجه للوضوء عن التقرب انتهى فكأنه محمول على غير صورة التعمد وتوجيه على ما ذكرنا من أن حقيقة القصد تعلق بموافقة الطلب الشخصي المتعلق بالفعل قال شارح الروضة بعد حكاية هذا عنه ان كلامه في غاية السقوط إذ من أوضح الأشياء ان نية الوجوب فيما ندب الله إليه وعكسها مناقضة ومعارضة له تعالى فكيف لا ينافي في القربة ثم قال ويجوز ان يكون مراده ما وقع سهوا أو غفلة أو خطأ في الاجتهاد ولى في غير الأخير تأمل انتهى أقول والامر واضح لان المجتهد مأمور بالوجه الظاهري بل هو الوجه في حقه وتوجيهه فيما عداه على ما ذكرنا نعم صرح في الذكرى بان قصد الخلاف عمدا صحيح على عدم اعتبار قصد الوجه فلو عدل شارح الروضة عن المحقق إليه في الاعتراض كان أولي ولو علم بوجوب الوضوء مع اشتغال ذمته بواجب وندبه بدونه الا انه اعتقد عدم الاشتغال أو نسيه فنوى الاستحباب النفسي للوضوء أو الغيري لأجل مندوب فان قصده بوصف انه مطلوب بهذا الطلب الموجود فيه فعلا الا انه اعتقده ندبا لاعتقاده عدم سبب الوجوب فهو كما تقدم في الجهل بالحكم وان قصده بعنوان ذلك المستحب لاعتقاد تحقق ذلك العنوان هنا ففي الصحة اشكال وان قلنا بكفاية الوضوء المندوب للدخول في العبادة الواجبة من حيث إن ما نواه غير موجود والموجود غير منوى قال في البيان ولو نوى مشغول الذمة بواجب الندب لم يجز وكذا العكس وقيل يصح العكس لأنه يؤكد الندب انتهى وكلامه يحتمل الجهل بالحكم والموضوع وكذا الاشكال فيما لو نوى التجديد فبان واجبا الا ان الصحة هنا لا تخلو عن بعد ومما ذكرنا أيضا يظهر انه لو شك في الحدث بعد اليقين بالطهارة فتوضأ احتياطا فان كشف كونه محدثا أجزأت طهارة إذا المقصود من الاحتياط فعل ما احتمل وجوبه واقعا فالوجوب على تقدير ثبوته واقعا ملحوظا للمحتاط لكن المصرح به في القواعد والبيان وجامع المقاصد البطلان بناء على اعتبار الوجوب المقام الثاني في اعتبار ملاحظة الوجوب والندب غاية وهو مذهب كثير وفى الروضة في باب الصلاة انه مشهور وان اختلفوا بين من يظهر منها الاقتصار على اخذهما غاية كالحلبي في الكافي والعلامة في القواعد و الارشاد وابن فهد في الموجز وبين من يظهر منه اعتبار اخذهما وصفا مميزا وغاية كالغيبة والوسيلة والسرائر والمنتهى وكل من استدل على اعتبارهما بحصول التميز عن المندوب ووجوب ايقاع الفعل على الوجه الذي كلف بايقاعه عليه بناء على دلالة الوجه الأخير على لزوم اعتبار الوجه غاية كما فهمه الشهيدان ونسبه في الذكرى في باب الصلاة إلى المتكلمين قال إنهم لما أوجبوا ايقاع الواجب لوجوبه أو وجه وجوبه جمعوا بين الامرين يعنى الوصف والغاية فينوي الظهر الواجب لكونه واجبا انتهى والذي ينبغي ان يقال إنه إما ان يراد من الوجوب والندب المجعولين
(٨٤)