عنه فقها كثيرا الظاهر أن مثل حريز لا يفتى في الشرعيات الا بما سمعه وكان مستند تفصيل النهاية الجمع بين الاخبار بشهادة رواية حماد عن الحسين عن أبي عبد الله (ع) في رجل توضأ وهو متعمم فثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد قال ليدخل إصبعه (والجواب) عن الرواية الأولى انها ضعيفة السند بل قاصرة الدلالة من حيث الحاق الرجلين بالرأس وقد ادعى غير واحد تبعا للمقاصد العلية ان الاكتفاء به في الرجلين بأقل من الثلاث موضع وفاق لكن يرده تصريح التذكرة بان وجوب الثلاث قول بعض علمائنا وظاهر المختلف أيضا عدم التفصيل بينه وبين الرجل لأنه لم يستدل لوجوب الثلاث في الرأس الا بصحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سئلته عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على أصابعه فمسحها على الكعبين إلى ظاهر القدم فقلت له جعلت فداك لو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه هكذا فقال الا بكفه لكن لا يخفى مخالفة ظاهر الرواية للقول بكفاية الثلاث فلا مناص من حمله على الاستحباب وعن الثانية احتمال رجوع الأجزاء إلى مسح مقدار الثلاث باعتبار قيده وهو عدم القاء الخمار كما يومى إليه رواية الحسين بن زيد بن علي عن أبي عبد الله (ع) لا تمسح المرأة بالرأس كما يمسح الرجال انما المرأة إذا أصبحت مسحت رأسها و تضع الخمار عنها فإذا كان الظهر والعصر والمغرب والعشاء تمسح بناصيتها واما فتوى حريز فلعلها مستنبطة اجتهادا من ظواهر روايات الثلاث بزعم خلوها عن المعارض أو رجحانها عليه أو البناء عليها للاحتياط في العبادة واما رواية حماد فلا دلالة على الاضطرار مع أن مسح مقدار الثلاث يحصل بادخال الثلاث فلا شهادة فيه على التفصيل واما الجمع بين الاخبار فيمكن بحمل الثلاث على الاستحباب ثم إن ظاهر جماعة ان كل من نفى وجوب الثلاث اكتفى بالمسمى وليس اعتبار خصوص مقدار الإصبع قولا ثالثا في المسألة ولذا نسب في المختلف إلى المشهور الاكتفاء بإصبع واحد و استدل لهم كالخلاف والمعتبر باخبار كفاية المسمى وعبر في الفقيه في مسح الرأس بالإصبع وفى مسح القدمين براس المسبحة وفى المعتبر قال في مسألة مسح القدمين انه يكفي ولو مقدار الإصبع مستدلا باخبار المسمى ثم قال تذكرنا عدم وجوب الاستيعاب وانه يكفي لو مسحه قدر أنملة من رؤوس الأصابع ولا يخفى ان الأنملة ورأس المسبحة أقل من عرض الإصبع ولذا ذكر في الروض ان التعبير بالإصبع لبيان آلة المسح وهو بعيد والأولى ان يوجه الاتحاد بان التحديد بالإصبع لأجل غلبة تحقق المسمى به لا بدونه أو لغلبة التعبير عن الأقل بذلك نظير تحديد الافتراق المسقط الخيار المجلس بالخطوة الا انه ربما ينافي ذلك كله تصريح جماعة بعدم كفاية الأقل من الإصبع قال قده في التهذيب بعد الاستدلال على ما في المقنعة من كفاية الإصبع باطلاق الآية ولا يلزم على ذلك ما دون الإصبع لأنا لو خلينا والظاهر لقلنا بجواز ذلك لكن السنة منعت من ذلك وفى الذكرى بعد أن ذكر ان الواجب المسمى قال ولا يجزى أقل من إصبع قاله الراوندي وفى الدروس ثم مسح مقدم الرأس بمسماه ولا يجزى أقل من إصبع وعن المشكاة ان في أجزء أقل من الإصبع نظر انتهى وكيف كان فلا دليل على خصوص مقدار الإصبع يعتد به في تقييد المطلقات وان ادعى في التهذيب ورود السنة بذلك الا انا لم نعثر في السنة الا على التحديد بالثلاث المحمول كما عرفت على (المندوب) مسح (مقدار ثلاث أصابع) مضمومة كما صرح به جماعة موضوعة (عرضا) على المقدم أو مأخوذا ذلك المقدار من عرض الرأس وعلى أي تقدير فهو كغيره ساكت عن مقدار الامرار فيكفي مسمى امرار الأصابع الموضوعة وهذا هو الظاهر من غيره ففي المقنعة يجزى إصبع يضعها عليه عرضا والثلاث أسبغ انتهى يعنى ان وضع الثلاث لأجل الامرار المحقق لمعنى المسح أسبغ وذكره في التذكرة عن بعض العامة في الاكتفاء بالمسمى قولا بكفاية شعره وعن اخر ثلاث شعرات ولا يخفى صراحة ذلك في أن محل الكلام في عرض الرأس لا في مقدار الامرار على طوله وفى النفلية عد من جملة المستحبات المسح بثلاث أصابع عرضا وهو ظاهر أو صريح في إرادة عرض الرأس ويشهد لذلك التسوية بين الرأس والقدم في كفاية المسمى أو الإصبع واستحباب الزايد على ذلك ومن المعلوم ان هذا التقدير في القدم من حيث العرض لا من حيث مقدار الامرار وفى هنا يعلم صراحة رواية معمر بن خلاد الجامعة بين الرأس والرجلين في مسح الثلاث فيما ذكرنا وهي عمدة أدلة الاستحباب ويتلوه في الوضوح ما تقدم عن حريز ويؤيده أيضا الاستدلال للشيخ على كفاية ادخال الإصبع تحت العمامة لخائف البرد إذ لو أريد الامرار مقدار ثلاث لحصل بادخال الإصبع أيضا وفى جامع المقاصد المراد بثلاث أصابع في عرض الرأس إما في طوله فيكفي ما يسمى به ماسحا وفى حاشية الشرايع ان لمسح الرأس تقديرين في طوله وعرضه إما في الطول فما به يتحقق صدق المسح فما صدق عليه إلى عرض ثلاث أصابع انتهى وكيف كان فهذا هو ظاهر أكثر النصوص والفتاوى بل ظاهر المحكي عن شرح الدروس الوفاق حيث جعل محل النزاع بين القائلين بوجوب الثلاث والأكثر بالنسبة إلى عرض الرأس قال واما بالنسبة إلى طوله فالظاهر أنه يكفي الامرار في الجملة انتهى وعن الشهيد الثاني في شرح النفلية عند قول الشهيد قده المسح بثلاث أصابع مضمومة عرضا أي في عرض الرأس خروجا عن خلاف (كذا) لكن قال في المسالك في شرح العبارة المتقدمة ان قوله عرضا حال من الأصابع والمراد مرور الماسح على الرأس بهذا المقدار لا كون آلة المسح ثلاث أصابع مع مرورها أقل من مقدار الثلاث وسيجئ استحباب مسحه بهذا المقدار وكونه أفضل الفردين ان أوقعه دفعة وإن كان ذلك نادر أو لو كان على التدريج كما هو الغالب فالظاهر أن الزايد على المسمى موصوف بالاستحباب انتهى وقال بعد الاعتراف بما تقدم منه ان ظاهر الخبر ان المعتبر في الثلاث كونهما في طول الرأس بان يمر منه على مقدار ثلاث
(١١٧)