وليس مخالفا لقول من قال إنها في رجب إذا حذفنا الكسور لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد دخل المدينة من رجوعه إلى الطائف في ذي الحجة.
الثالث: قول أبي موسى: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " خذ هذين القرينين وهذين القرينين، أي الجملين المشدودين أحدهما إلى الاخر " لستة أبعرة، لعله قال: هذين القرينين ثلاثا، فذكر الرواة مرتين اختصارا. ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: وهاتين القرينتين وهاتين القريتنين، أي الناقتين. وفي رواية في باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن في الصحيح:
فامر لنا بخمس ذود. وفي باب الاستثناء في الايمان بثلاثة ذود. والرواية الأولى تجمع بين الروايات، فلعل رواية الثلاثة باعتبار ثلاثة أزواج، ورواية الخمس باعتبار أن أحد الأزواج كان قرينة تبعا فاعتد به تارة ولم يعتد به أخرى، ويمكن أن يجمع بينهما بأنه أمر لهم بثلاثة ذود أولا ثم زادهم اثنين، فان لفظ زهدم أحد رواة الحديث: ثم أتي بنهب ذود غر الذرى فأعطانا خمس ذود فوقعت في رواية زهدم جملد ما أعطاهم، ورواية غيلان: مبدأ ما أمر لهم به ولم يذكر الزيادة، وأما رواية: خذ هذين القرينين ثلاث مرار، وفي رواية: ستة أبعرة، فعلى ما تقدم أن تكون السادسة كانت تبعا فلم تكون ذودتها موصوفة بذلك، قال الحافظ في رواية: ستة أبعرة إما أن يحمله على تعدد القصة أو زاداهم على الخمس واحدا.
الرابع: في رواية أبي موسى قال: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنهب إبل فامر لنا بخمس ذود. وفي رواية بعد قوله " خذ هذين القرينين " ابتاعهن من سعد ولم ينبه الحافظ على الجمع بين الروايتين فيحتمل - والله أعلم - أن يكون ما جاء من النهب أعطاه لسعد ثم اشتراه منه لأجل الأشعريين، ويحتمل على التعدد.
الخامس: قال الحافظ: إنما غلظ الامر على كعب وصاحبيه وهو جروا، لانهم تركوا الواجب عليهم من غير عذر لان الامام إذا استنفر الجيش عموما لزمهم النفير ولحق اللوم بكل فرد، أي لو تخلف قال ابن بطال: إنما اشتد الغضب على من تخلف وإن كان الجهاد فرض كفاية لكنه في حق الأنصار خاصة فرض عين لانهم بايعوا على ذلك، ومصداق ذلك قولهم وهم يحفرون الخندق:
نحن الذين بايعوا محمدا * على الجهاد ما بقينا أبدا وكان تخلفهم عن هذه الغزوة كبيرة لأنها كالنكث لبيعتهم / قاله ابن بطال: قال السهيلي: ولا أعرف له وجها غير الذي قاله ابن بطال. قال الحافظ: قد ذكرت وجها غير الذي ذكره، ولعله أقعد ويؤيده قوله سبحانه وتعالى: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول الله) الآية. وعند الشافعية: أن الجهاد كان فرض عين في