أجمعهم، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " هل منكم أحد من غيركم "؟ قالوا: لا يا رسول الله إلا ابن أختنا، قال: " ابن أخت القوم منهم " فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبا فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: " يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالا فهداكم الله - تعالى - وعالة فأعناكم الله، وأعداء فألف بين قلوبكم، وفي رواية متفرقين فألفكم الله؟ - قالوا: بلى يا رسول الله، الله ورسوله أمن وأفضل.
وفي رواية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟ " قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ وماذا نجيبك؟ المن لله - تعالى - ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -: " والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدقتم، جئتنا طريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك، وخائفا فآمناك، ومخذولا فنصرناك، ومكذبا فصدقناك " فقالوا: المن لله - تعالى - ورسوله، فقال: " وما حديث بلغني عنكم؟ " فسكنوا، فقال: " ما حديث بلغني عنكم "؟ فقال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا فلم يقولوا شيئا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم قالوا يغفر الله - تعالى - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - يعطي قريشا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم!! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني لأعطي رجالا حديثي عهد بكفر لا تألفهم بذلك " (1).
وفي رواية إن قريشا حديثو عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتالفهم، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما أسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم الله - تعالى - لكم من الاسلام، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رحالكم تحوزونه إلى بيوتكم، فوالله لمن تنقلبون به خير مما ينقلبون به، فوالذي نفسي بيده لو أن الناس سلكوا شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار.
وفي رواية لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا - أنتم الشعار والناس دثار، الأنصار كرشي وعيبتي، ولولا أنها الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا بالله ورسوله حظا وقسما.
وذكر محمد بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد حين إذا دعاهم أن يكتب بالبحرين لهم خاصة بعده دون الناس، وهي يومئذ أفضل ما فتح عليه من الأرض، فقالوا: لا حاجة لنا بالدنيا بعدك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض " وكان حسان بن ثابت - رضي الله عنه - قال قبل جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار.