منهم رجع بالناس، ثم مضى في وجهه ذلك حتى انتهى إلى أرض تميد بأهلها، ففزع الناس وخافوا فرجع بهم.
قالوا: وحدثنا عبد الله بن قيس، قال: بلغني أن موسى لما جاوز الأندلس أتى موضعا، فإذا فيه قباب من نحاس، فأمر بقبة منها فكسرت، فخرج منها شيطان نفخ ومضى، فعرف موسى أنه شيطان من الشياطين التي سجنها سليمان بن داود، فأمر موسى بالقباب فتركت على حالها، وسار بالناس قدما.
قال: وحدثنا عمارة بن راشد، قال: بلغنا أن موسى كان يسير في بعض غزواته وهو بأقصى المغرب، إذ غشى الناس ظلمة شديدة، فعجب الناس منها وخافوا، وسار بهم موسى في ذلك، إذ هجم على مدينة عليها حصن من نحاس، فلما أتاها أقام عليها، وطاف بها، فلم يقدر على دخولها، فأمر بنبل ورماح، وندب الناس فجعل يقول: من يصعد هذه، وله خمس مئة دينار؟ فصعد رجل، فلما استوى على سورها تردى فيها، ثم ندب الناس موسى ثانية، وقال: من يصعد وله ألف دينار؟ فصعد آخر، ففعل به مثل ذلك، ثم ندب الناس ثالثة:
قال: من يصعد وله ألف وخمس مئة دينار، فصعد رجل ثالث، فأصابه ما أصاب صاحبيه، فكلم الناس موسى فقالوا: هذا أمر عظيم، أصيب إخواننا، وغررت بهم حتى هلكوا. فقال لهم: على رسلكم يأتيكم الأمر على ما تحبون إن شاء الله، ثم أمر موسى بالمنجنيق، فوضعت على حصن المدينة، ثم أمر أن يرمى الحصن، فلما علم من في الحصن ما عمل موسى، ضجوا وصاحوا، وقالوا: يا أيها الملك، لسنا بغيتك، ولا نحن ممن تريد، نحن قوم من الجن، فانصرف عنا، فقال لهم موسى: أين أصحابي، وما فعلوا؟ قالوا: هم عندنا على حالهم.
فقال: أخرجوهم إلينا. قالوا: نعم. فأخرج الثلاثة النفر، فسألهم موسى عن أمرهم وما صنع بهم. فقالوا: ما درينا ما كنا فيه، وما أصابتنا شوكة حتى أخرجنا إليك. فقال موسى: الحمد لله كثيرا، ثم تقدم بالناس سائرا يفتح كل ما مر به.
ثم نرجع إلى حديث سليمان بن عبد الملك.