يرجو في ذلك من الثواب. قالت: ثم إن أهل الحصن خرجوا إلى موسى فقاتلوه قتالا شديدا، ففتح الله عليه. قالت: فلما رأى ذلك أهل الحصن الآخر، نزلوا على حكمه، ففتحهما موسى في يوم واحد، فلما كان في اليوم الثاني، أتى حصنا ثالثا، فالتقى الناس فاقتتلوا قتالا شديدا أيضا، حتى جال المسلمون جولة واحدة. قال: فأمر موسى بسرادقه فكشط (1) عن نسائه وبناته حتى برزن. قال:
فلقد كسرت بين يديه من أغماد السيوف ما لا يحصى، وحمي المسلمون، واحتدم القتال، ثم إن الله فتح عليه ونصره، وجعل العاقبة له.
وقال عبد الرحمن بن سلام:
كنت فيمن غزا مع موسى في غزواته كلها.
فلم ترد له راية قط، ولا هزم له جمع قط، حتى مات.
وقال ابن صخر: لما قدم موسى الأندلس قال أسقف من أساقفتها: إنا لنجدك في كتب الحدثان، عن دانيال. بصفتك صيادا تصيد بشبكتين، رجل لك في البر، ورجل في البحر، تضرب بهما هاهنا وهاهنا فتصيد. قال: فسر بذلك موسى وأعجبه.
وقال عبد الحميد بن حميد، عن أبيه: إن موسى لما وغل وجاوز سرقسطة، اشتد ذلك على الناس وقالوا: أين تذهب بنا؟ حسبنا ما في أيدينا، وكان موسى قال حين دخل أفريقية، وذكر عقبة بن نافع: لقد كان غرر بنفسه حين وغل في بلاد العدو، والعدو عن يمينه وعن شماله وأمامه وخلفه، أما كان معه رجل رشيد؟ فسمعه حبيش الشيباني (2) قال: فلما بلغ موسى ذلك المبلغ، قام حبيش فأخذ بعنانه. ثم قال أيها الأمير! إني سمعتك وأنت تذكر عقبة بن نافع تقول:
لقد غرر بنفسه وبمن معه، أما كان معه رجل رشيد؟ وأنا رشيدك اليوم، أين تذهب؟ تريد أن تخرج من الدنيا، أو تلتمس أكثر وأعظم مما آتاك الله عز وجل، وأعرض مما فتح الله عليك، ودوخ لك، إني سمعت من الناس ما لم تسمع، وقد ملأوا أيديهم، وأحبوا الدعة. قال:، فضحك موسى ثم قال: أرشدك الله، وكثر في المسلمين مثلك. ثم انصرف قافلا إلى الأندلس فقال موسى يومئذ: أما