يمنع من الصبر. والثالث: الانقلاب عنك بلا فائدة شماتة الأعداء. والرابع:
فإما " نعم " مثمرة! وإما " لا " مريحة (1). فلما وصل الكتاب إلى الرشيد قال: هذا رجل قد ساقته الحاجة، ووصلت إليه الفاقة، فليدخل، فدخل فقال له الرشيد (2): ارفع حاجتك يا أعرابي. فقال الأعرابي: إن مع الحاجة حويجات.
فقال له الرشيد: ارفع حاجتك وحويجاتك تقض كلها. قال الأعرابي: تأمر لي يا أمير المؤمنين بكلب أصيد به، فضحك الرشيد ثم قال له: قد أمرنا لك بكلب تصيد به. فقال: تأمر لي يا أمير المؤمنين بدابة أركبها. فقال الرشيد: قد أمرنا لك بدابة تركبها. فقال: تأمر لي يا أمير المؤمنين بغلام يخدم الدابة. فقال له الرشيد: قد أمرنا لك بغلام. قال الأعرابي: تأمر لي يا أمير المؤمنين بجارية تطبخ لنا الصيد، وتطعمنا منه، فقال الرشيد: قد أمرنا لك بجاريتين، جارية تؤنسك وجارية تخدمك. فقال الأعرابي: لا بد لهؤلاء، من دار يسكنونها فقال له الرشيد: قد أمرنا لك بدار، فقال الأعرابي: يا أمير المؤمنين يصيرون فيها عالة على الناس، وعلي كلالة، لا بد لهم من ضيعة تقيمهم. فقال له الرشيد: قد أقتطعتك مئة جريب (3) عامرة ومئة جريب غامرة (4)، فقال الأعرابي: ما الغامرة يا أمير المؤمنين؟ قال الرشيد: غير معمورة تأمر بعمارتها. فقال الأعرابي: أنا أقطعتك ألف ألف (5) جريب من أرض أخوالي بني أسد بالحجاز تأمر بعمارتها، فضحك الرشيد وقال: قد أقطعتكها عامرة كلها. ثم قال الرشيد: تمت حويجاتك كلها يا أعرابي؟ فقال: نعم، وبقيت حاجتي العظمى. فقال له الرشيد: ارفعها تقض. فقال أقبل رأسك (6) يا أمير المؤمنين، فقال له الرشيد: هذا لا سبيل إليه. فقال